ابحث في مدونتي

الاثنين، 9 يونيو 2014

خاطرة (غربة وطن) .. !

 تقفُ بعمق وطنك
بين احبتك وجماعتك
تنتشي والجميعُ حولك.. أو هكذا يجب أن تشعر
لكن عوضا عن ذلك.. تشعر بغربة.. بمرارة
ورغم برودة الجو وجميل عبيره.. تستشعرُ القيظَ بين جنباتِ روحك
قد يرتفُع بصركَ للأمام.. لكن قسوةُ شَمسِكَ تُجبِرُكَ لتعودَ بأدراجِ نظراتِكَ لتحتِ قَدمِك

تَوقف عن الحُُلم
تَوقّف عن الأمل
كُفَ عنِ التفاؤل
لا تَبتسم

حياةٌ قاسِيَةٌ تلفُ تِلكُمُ الأحلام
وأفعى البطشِ تَلتَفُ حولَ روحِ أمَلِك حتى لتظن أنها تكادُ تَلفُظُ أنفاسها الأخيرة..
وباتت ابتسامَتُنا الصفراء الساخرة عُنوان تفاؤلنا الذي نخشى أن يَشتدَ عودَه ف ..... يَنكَسِر!!


أعوامٌ تمَضي.. أيامٌ تتفلت مِن بينِ أيدينا.. دون أن نشعرَ بها.. تَسلبُ من أرواحنا بقايا الحياة.. فتزحفُ تجاعيُد الوجعِ على جِباهنا ولمّا يَحُن أوانها بعد!
وينقلب سواد شعرِنا لبياضٍ لا يُشبهُ قُلوبنا التي اسودت من القهرِ والحَزن..
حتى يصيرُ حُلمُنا مُجردَ "قبرٍ وَكفن" نتوقُ لنتوسده..
حتى يصيرُ "نزعُ الروحِ" غايٌة لمشتاقٍ يتوقُ لعدلٍ ما عرف معناهُ على أرضِ الدنى..

غَريبون نحنُ بدنيانا..
غَريبون بأحلامنا وأمانينا..
فكلُ ما نرجوه "بسمة" انتَزعها الزمانُ.. وأخونا الانسانُ من شِفاهِنا عُنوة..

قاسٍ هذا الإنسانُ على نفسه..
حتى تجاسرَ فقسى بنفسهِ على آخرين..
ظلومٌ ويُُوغِلُ في ظُلمِ نفسهِ باستباحةِ دماءِ أخيه
عَرضُ أخيه
قلبُ أخيه
روح أخيه

نسى أنّ الحياةََ كما تُدين تُدان
فعرضٌ بعرض
وإذلالٌ بإذلال
وقسوةٌ بقسوة

قد يكونُ جَزاءُ سيئة بمثلها
لكن ما عاد جزاءُ إحسانٍ.. إحسانًا
ما عاد الوفاءُ جزاء الأوفياء
ما عاد الحبُ جزاء المحبين
ما عادت الجنةُ للأتقياء ولا النارُ للأشقياء
على هذه الوسيعه كل الآيات مقلوبة!!
فالجنانُ للطغاة
وتحقيقُ الأحلام لصائدي الفُرَصِ والاستغلاليين والوصوليين
والنارُ من نصيبِ الصالحين!!

ما عاد الجزاءُ من جنسِ العمل
فإخلاصُ بقلةِ اكتراث
وتمسكٌ بكسرِ إرادة
وإصرارٌ بقتلِ عزيمة

عُذرا أيها الإنسان.. عُذرا أيتها الأوطان 
لقد كفرتُ بكم
وكل ما أرجوهُ منكم
غُسلٌ وكَفن!!

ايمان الحبيشي
7/6/2014


ثقافة اسمها (كما وصلني)

تحدثتُ في مقالات سابقة عن أهمية الكلمة، والمسؤولية الملقاة على عاتق كاتبها أو ناطقها[١] وكيف أن الكثيرين يمارسون بقصدٍ أو بغير قصد، عملية تزييف للوعي[٢] عبر كلماتٍ أو تحليلاتٍ بُنيت على أسسٍ خياليةٍ أو مكذوبة.


إن ما يدعوني للفت النظر مُجدداً لأهمية الكلمة، كونها تُعد السلاح الذي بواسطته هُدمت ثقافات حقة أو باطلة، وبواسطته كذلك بُنيت حضارات حقة أو باطلة، وأجد أنا مجتمع صار يهتم بالكلمات، ينتخِب بعضها ويتلقى البعض الآخر مُسلّماً، رافعاً أمامها رايته البيضاء.. قد يكون ذلك أمراً إعتيادياً، فقد نقرأ ما يُلامس روحنا وعقلنا وواقعنا فنقبله سريعاً، وقد ننفر أحياناً من بعض التوصيفات والتحليلات وإن كانت حقاً، لكن المشكلة اليوم أننا (نتلقى - ننشر - نؤمن) بكل ما يصلنا بطريقةٍ آليةٍ أعتقد أنها ليست صحيحة، أو على أقل تقدير تحتاج منا لوقفة مُراجعةٍ لتقييمها وتصحيحها إن كانت تحتاج للتصحيح.


منذ أيام ونتيجة تكرار مجموعةٍ من الحوادث والحرائق التي راح ضحية أحدها زهرتان عزيزتان من زهرات جزيرة سترة (زهراء وغدير)[٣]، انتشرت بشكلٍ كبير جداً تحليلات عن سبب اندلاع الحرائق، عزاهُ الأعم الأغلب لتعطل جثة الشهيد عبد العزيز العبار رحمه الله، كما وصفه آخرون بأنه من صُنع السلطة. أما السبب الأول فقد دخلتُ في نقاشات عدة مع من نقل هذا الرأي عن الأساس الذي بُني عليه رأيهم فكانت الإجابة (كما وصلني)![٤]


كمٌ هائل من المعلومات والأخبار يُتداول بسرعة كبيرة، دون التحقق من صحته بشماعة (كما وصلني) -كإشاعات الحرائق التي انتشرت بالتزامن مع حوادث الحرائق المؤسفة التي أشرت لها منذ قليل- وهي مساهمةً تُقدم مجاناً لمن أراد أن ينشر كذبةً أو يُوقع فتنةً، أو يُزيف وعياً، ونحنُ قطعاً بممارسة عملية النشر بتلك الآلية نكون مسؤولين أيضاً، مسؤولين عن نشر إشاعة تمس عرض إنسان ما، أو تُهوّل أمراً ما مُربكة المجتمع، عبر قذف نوعٍ من أنواع القلق أو الخوف في نفوس الناس، مسؤولين عن نشر حادثة ( لا نعلم صحتها ) تُسئ لإنسان ما، مسؤولين عن نشر ثقافة ما أنزل الله بها من سلطان، تُشوّه العقول والنفوس والنوايا، فضلاً عن نشر أحاديث تُنسب لأهل البيت (ع) لم تصدر عن أحدهم، وإن توافقت مع مبدأ دعوا إليه، إلا أن مسؤولية الكذب عليهم لن تسقط عنا إن كان القول حسناً.


أما الرأي الآخر والذي يتبنى أن أسباب الحرائق هو أيد خفية تتبع السلطة، فلا أستسخفه ونحن نعيش هذا الوضع الأمني المقلق، إلا أني أيضاً لم أجد ما يدعمه على الأقل حتى الآن.. لا أرفض مبدأ الشك في كل حادثة أو واقعة نعيشها ذلك أن الحال يفرض علينا الشك، إذ نعيش إستهدافاً على كافة الأصعده، إلا أني أجد أننا نحتاج لدلائل حقيقية تُثبت تورط تلك الأيدي خلفها، لا لتبرئة السلطة لكن لأننا بحاجة لبحث جاد عن أسباب الحوادث التي تقع، كأن نُعالج الإهمال إن كان موجوداً، كأن نُوفر أدوات السلامة إن لم نكن نعتني بتوفيرها، كأن نتعلم أساليب التصرف الصحيح في حال حدوثها، كأن نتخذ تدابير وقائية تحمي منازلنا وأرواحنا شرها. أما تبني أسلوب أن كل ما يحصل على هذه الارض سببه السلطة فحسب، فذلك مدعاة لجمودنا وربما لاستمرار وقوع البلاء علينا، وليست الحرائق هنا سوى مثلاً نستطيع أن نُطبقه على الكثير من الحوادث التي تحتاج منا للوقوف على الأسباب الحقيقية لحصولها وبالتالي تصحيح مسار الأمور وإيجاد سبل الوقاية.


لكُل منا دوره الدقيق في هذا المجتمع، قد لا يُدركه الفرد إلا أن آثاره ستكون موجودة حتماً على الجميع.. إياك أن تقول (مجرد رسالة سأمررها) ليكن شعارنا (تلقى/ دقق / قيم / إنشر) لتكُن وسائل تواصلنا وسائل رحمة لا وبال علينا.


ايمان الحبيشي
31 مايو 2014
____________________________________________________________

[١]http://ertiqabh.blogspot.com/2014/04/blog-post_19.html?m=1 
[٢]http://ertiqabh.blogspot.com/2014/05/blog-post_8398.html?m
[٣] http://www.alwasatnews.com/ipad/news-888758.html
[٤] رأي سماحة السيد محمد العلوي حول الربط بين الحوادث المؤسفة وعدم دفن جسد الشهيد العبار ::
( لا شَكَّ ولا شبهة في أن للأعمال أثر في البلاء، وهذا هو القرآن الكريم والروايات المعصومة عن العترة الطاهرة تصرح عن علاقة تكوينية بين العمل وبين تقديرات الله تعالى وقضائه..
قال تعالى:
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
وقال عز وجل:
(فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ)
وهذا قليل جدًا من كثير قد ورد في خصوص الابتلاء بسبب الأعمال..
أما أن نحصر حدثًا أو أكثر في سبب أو أسباب فهذا يحتاج إلى دليل صريح..
لماذا لا نقول بأن هذه الحرائق -مثلًا- بسبب انتشار السفور والمغازلات بل والسفالات في مواكب العزاء من المتفرجين والمتفرجات؟
لماذا لا نقول بأن السبب هو تحول العلاقات غير الشرعية بين الرجال والنساء كبارًا وصغارًا إلى حالة طبيعية؟
لماذا لا نقول بأن السبب هو عبادة الناس للأفلام والمسلسلات التي تضج بالمشاهد المحرمة صريحًا؟
هذا مع تجاوز أن الحرائق تتكرر كل سنة في موسم الحر، وكل ما في الأمر أن الأضواء قد سُلِّطت عليها هذه المرة!!
أما بالنسبة للشهيد العبار (رحمه الله تعالى) فأمره موكل لوليه ولي الدم، وليس من العدل محاكمته وتحميله مسؤولية ما يجري دون وجه علمي صحيح، وهذا مع علمنا بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، فيما لو قلنا تنزلًا بأنه وزر!!)

بين التراحم والتصارع؛ واقع انسان !

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ ) ١
(فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ . )٢
قال رجل للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أحبّ أن يرحمني ربّي فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: "ارحم  نفسك وارحم خلق الله يرحمك الله"٣
لستُ بصددِ تفسيرِ الآياتِ الكريمةِ أو الحديثِ الشريف، ولا حتى الدعوةِ للإلتزامِ بها، إنما اخترتها لمحاولةِ مناقشتها معكم، لعلنا نُوفقُ لقراءةِ خارطةِ الانسانِ الصحيحةِ، ولا أفضلَ لتلكَ القراءةِ من الاستعانةِ بمَن رَسَمَها ( الله ).

حينَ يُشيد الله برسولهِ ومن مع رسوله من زاويةِ ( التراحم بينهم )، ، حينَ يَتَحدث الله عن قومٍ (يُحبهم ويُحبونه) من زاويةِ التذلُّلِ لبعضهم ( التَذلل مِن اللّين لا مِن الذِلة كما وجدتُ في التفسيراتِ التي اطلعتُ عليها سريعا) ٫حينَ يُوجه رسولُ الله صلى الله عليه وآله أبناءَ الاسلامِ  ليَرحموا فيُرحمو، فجميعنا سنفهمُها كتوجيهات أو سجايا أرادَ الاسلامُ أن تكونَ من سجايا مُنتسبيه، وأن علينا الالتزام بها طمعاََ في الثوابِ ونجاةََ من العقابِ، لكني أريد أن اقرأها معكم من زاوية مُختلفةٍ قليلا؛ تُرى لمَ وجَّه الله الناسَ للتراحُمِ بالذات ولمَ أصّرَ رسولُ الله عليها؟!  أترى التراحم -الذي يُقابله التصارع- طبيعةٌ بشريةٌ فُطرَ الانسانُ عليها؟ وان كانَت كذلك فهل هي قابلةٌ للتلوثِ - كما أن الانسان يُولدُ بالفطرةِ وابواهُ يُهودانَهُ أو يُمجسانَهُ أو يُنصرانَهُ - فربما خُلِق الانسان بفطرةِ أن يكونَ رحيماََ فقسّتِ الدُنيا قلبهُ؟!
 لا أُريدُ الوقوفَ كثيراََ عندَ هذهِ الجدلية، فإن وُلدَ الانسان بفطرةِ الرحمةِ فتلوثت، أو بِفطرةِ التصارعِ فإحتاجَ أن يُهذبها الاسلام، فإنَ النتيجةَ واحدةََ كما يراها الكثيرُ من علماءِ الاجتماع؛ (أن التصارعَ طبيعةََ بشريةََ واجتماعيةََ )  بل يَجِدها البعض كالدكتور علي الوردي، بأنها طبيعةٌ تَدفعُ نحوَ التقدمِ والتطور! وما أفهمه شخصياََ من توجيهاتِ الله ورسولهِ، أن الانسانَ بحاجةٍ ماسةٍ للتراحمِ واللينِ داخلَ مُجتمعهِ - أكان التصارع فطرته او مما طرأ عليه - ليس لينالَ الجنةَ ورضا الله فقط، بل ليتمكنَ من بناءِ مُجتمعٍ سليمٍ قادرٍ على المضي للامام.

في الأشهرِ القليلةِ الماضية، كنتُ ممن يَرى أن حالةَ التصارعِ داخِل مُجتمعنا قد بلغت حداََ أصفهُ أحياناََ بأنهُ ( لا يُطاق ) وقد أنزوي عن بعضِ النقاشاتِ والتعليقاتِ، بل وبعضِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي لأُبعِدَ نفسي عن مظاهرِ ذلكَ التصارع ومنها:
- التسقيط
- سوءُ الظن
- التنابزِ بالألقاب
- تبادلِ الإتهامات
- التراشق
- التهجم على الشخوص
والكثيرُ الكثير من تلكَ المظاهرِ التي كانت مقتصرةََ على مواقع التواصل الاجتماعي، ثمَ زَحَفَت لتَدخلَ قُرانا، وأحيائنا بل وبيوتنا وربما بعضَ غُرف نومنا!

التصارع الذي نعيشهُ اليوم، قد يكون تصارع أفكار ورؤى سياسية من الدرجةِ الأولى، لكنهُ ألقى بظلالهِ على كلِ جوانب حياتنا سيما الاجتماعيةِ منها، وقد تَرتفعُ أحياناََ الأصواتُ للدعوةِ للتوحدِ ونبذِ التنازعِ نتيجةَ التوجعِ الحقيقيِ لما آلت اليه أحوالنا، أو ربما نتيجةَ اعتقادِ البعض أن المصلحةَ العامة تُوجبُ ذلكَ، وأجدُ بشكلٍ قاطعٍ أن حالةَ التنازعِ تُضعفنا كمجتمعٍ واحد، لكني لستُ مع الدعوةِ للتوحدِ كما يَفهمُها البعض بشكلها التقليدي، ألا وهي؛ أن يتنازلَ الفردُ للجمعِ على مستوى مادي أو فكري أو معنوي، وهي ما قد يَتَضاربُ مَعَ ما أسلفنا ذِكرهُ مِن طبيعةٍ بشريةٍ أثبت التاريخ انها تحصلُ وتتكررُ في كل المجتمعات، لذلكَ فإننالا بُدَ ومن أجلِ أن نصلَ لصيغةِ توافقٍ في تصارعناالفكري أو السياسي أو أياََ كان اسمه، لا بدَ أن نقبلَ مُنطلقاته، أن اختلافنا وان كنا ضمنَ مجتمعٍ واحد، هي طبيعةٌ علينا القُبولُ بها وأن التوحدَ لا يعني بالضرورةِ أن يُلغي أحدنا نفسهُ، ليذوبَ ضمنَ الآخرَ، وأن التصارع لا بُد أن يتحولَ لتنافسٍ لبُلوغ الهدفِ العامِ الذي يجمعنا داخلَ منظومتنا الاجتماعيةِ، دونَ أن يضعَ أحدنا رِجلهُ في مسيرةِ الآخرَ ليتسببَ بعرقلةِ مسيرتهِ وربما تكسيرِ رجليه ! 

إن كانَ التصارع محطةََ لا بُد أن نَمُر بها، فإني أُصر بأنها محطةٌ حتميةُ المرورِ لا المكوث، محطةٌ لا بُد أن نعرفَ كيفَ نُغادرها سريعاََ متخلصينَ من كلِ عوالقها النفسيةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ، متسلحينَ بما اكتسبناهُ من خبرةِ المرور بها، حتى نتمكنَ حقاََ من مُواصلةِ السيرِ نحوَ الأمام كما تمكنت من ذلك مجتمعات سبقتنا ( راجع تاريخ العلاقة بين حزب الله وحركة أمل في لبنان).
أتفهمُ أننا أبناءُ مجتمعٍ بسيطٍ يعيشُ مُتغيراتٍ وضغوطٍ كبرى، وقد يُؤدي بنا ذلكَ لأن نفقدَ توازننا قليلاََ، وأن ننشغل بخلافاتنا مدةََ، لكن هل يُعقل أن نبقى عالقينَ حيثُ التراشقُ والتنابزُ والتصارع الذي ان لم نُحولهُ لفكرةِ اختلافٍ راقيةٍ تدفعُ بنا نحو التطورِ، فقد يكونُ هو السببُ الرئيس في القضاءِ علينا!

يقول الدكتور علي الوردي أن ( الديمقراطية الغربية )، هي إختراعٌ إنسانيٌ راقٍ حوّلَ حالةَ التصارعِ البشريِ، الدمويِ، الوحشيِ على السلطةِ هناك، إلى حالةِ تصارعٍ ورقيٍ حقنتِ الدماء، واحترمت طبيعةَ الانسان ( التصارع ) فتحولت لمجتمعاتٍ مُبدعةٍ، منتجةٍ تحترم حقوق الانسان، وتختزل صراعها داخلَ صناديقِ الاقتراعِ وفي مقارِ المرشحينَ للانتخابات وضمنَ حملاتهمُ الانتخابيةِ ٤، وأقول ان كانت الديمقراطيةُ الغربية اختراعٌ بشري اخترعه الانسان، فإن الآياتَ بالأعلى وكثيرٌ مثلها داخل دفتي كتاب الله - يعرفها المختصون وقد أتوهُ عنها - قانونٌ إلهيٌ أثقُ أن بإمكاننا أن نستنبطَ منهُ قانونَ حياةٍ يحفظُ طبيعةَ الانسان، ويُهذبها دافعاََ المجتمعاتَ الإسلامية لتكونَ جديرةََ بإحترامِ حقوق الانسانِ التي أسس لها الله، ودعا لها رسوله وأهلُ بيته ،، فقط لنُدرِكَ حقاََ ان اختلافنا طبيعة وحق لابد ان نحترمه ونقدره ونُصيغهُ بطرق منتجة.




-----------------------
١/سورة الفتح الآية ٢٩
٢/سورة المائدة الآية ١٥
٣/كنز العمال،المتقي الهندي،ج ١٦ ص ١٢٩
٤/ لشرح اكثر اسهابا راجع كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور علي الوردي 




ايمان الحبيشي
٢٤/٥/٢٠١٤

تزييف الوعي

رسالة وصلتني عبر مجموعةٍ من المجموعاتِ على برامجِ التواصل (whatsapp)، عُنوِنت بكلمةِ "حقيقة"، وساقت مجموعةٍ من المعلوماتِ التي أعرفُ جزماََ أنها لا تمتُ للحقيقةِ بِصِلة!

وعبرَ ندوةٍ رسميةٍ بإحدى الجمعياتِ السياسيةِ كذلك، سيقَت مجموعة من الإدعاءات وكأنها حقائقَ لا مجالَ للشكِ بها!

وما بين الأمرين (الرسالةُ والندوة) وجدتُني أقفُ على دائرةِ تقاطعٍ فيما بينهما، فأصلِ الموضوع واحد، وبالرغمِ مِن ذلكَ فقد سيقَ في المرتينِ بطريقةٍ مختلفةٍ ومتعاكسةٍ بشكلٍ كامل، إلا أنَّ صاحبيَّ الرسالةِ والخطابِ استعملا ذاتِ السلاح لطرحِ (قراءتهما أو رأيهما القابلان للصحةِ والخطأ) ك .. (حقائقَ نتفضلُ بها عليكُم لنُنمي وعيكُم ونمنعَ خِداعكم!!)

لا يُمكنني أن أدعي أن استخدام هذا الأسلوب يَتم دائماً عن سبقِ إصرارٍ وترصد، قد يكونُ تِكرارهُ ناتجٌ عن تَعوُد، وحتى عن جهل إلا أن نتيجة استخدامه عمداً أو سهواً واحدة وهي أن (سوقنا لحقائقَ باطلِةٍ، تَخلقُ وعياً زائفاً).

الكثيرُ من المواقفِ التي نتخِذها من شخوصٍ موجودةٍ على أرضِ الواقع إنما عن اعتمادنا على (حقائق) ساقها آخرون، دون أن نُعطي لِعقلنا حقهُ ووقتهُ في التفكيرِ والتريثِ والتصديقِ والشكِ، الكثيرُ من الرؤى نَرفُضها لأنها جاءت مغايرةً لما اعتدناه من اعتقادات صارت ثابتةً لا تقبلُ النقدَ والتقييم، وهي اعتقاداتٌ في أصلِها قد تتغيرُ، بل من الضروري أحيانا أن تتغيرَ بتغيرِ بعضِ الظروفِ وبتقدمِ الأُمم.

عاداتٌ اجتماعيةٌ، قيمٌ تَربويةٌ، رؤى سياسيةٌ، والكثيرَ الكثيرَ مما آمنا بهِ حتى صارَ ثابتاً وربما يحملُ منَ الرمزيةِ الشئَ الكثير إنما بُنيَ على اعتقاداتِ آخرين وحقائقَ لم تكُن من صنفِ الحقائق.

اليوم ونحنُ في عصرِ الكتابِ والإنترنت، وسهولةِ تناقلِ المعلومات، لازلنا نتَّبعُ ذاتَ الطريقةِ في تَبني الآراء، ولازلنا نَسمحُ للآخرينَ بإدارةِ شخصياتِنا وعقولِنا ورُبما معتقداتنا وبالتالي نِضالِنا كيفما شاء، بحسب قناعتهُ هوَ ومبتنياتهُ هوَ، ثُم نُلقي بعدَ ذلكَ باللومِ في فشلنا وامتناع تحقيقِ الأهدافِ عنا لأصحاب تلك الرؤى، والحقُ كُل الحق أننا المُلامون من الدرجةِ الأولى، فإن لم يَحترِم الفرد عقلهُ وقُدرته على تقييمِ رؤى الآخرين قبل تبنيها، ثُم مَنَعَ عَن نَفسهِ حَقَّ القُبولِ والتساؤُلِ والرفضِ لها، فلا يكونُ مِن حق أحدٍ أن يَلومَ قُدرةَ الآخرينَ على تسويقِ رُؤاهم على جمعٍ يمتنِعُ عن التفكير، ويستقبِلُ كلَ ما يتلقاهُ كحقيقةٍ دونَ أن يُكلِفَ نفسهُ عناءَ البحثِ والتيقنِ، وإن على مستوى الدلائلّ التي على أساسها بُنيت تلك الرؤى، مثلا؛ً كم من رؤيةٍ أو رأيٍ كان أساسهُ حديثاً نُسبَ لمعصوم، لتُفاجأَ بعد حين بأن لا صِحةَ لنَسبِ ذلكَ الحديثِ لمعصوم!
كم من آية فُسرت كما شاءَ من ساقها مُضمناً إياها بيانهُ، أو شرحهُ أو توصيفهُ، ليتضحَ بعد حين أن تفسيرَ تِلك الآيةِ مُقيدٌ لا يُمكنُ إطلاقهُ!

في الواقعِ، أن مسؤوليةَ صناعةِ الوعي إنما تقع على عاتق طرفين رئيسيين:

(صاحب الرؤية المطروحة) الذي يتحمل مسؤولية رؤيته حين ينسُجُها بحروفِ الزيفِ والخديعةِ وإن أرادَ بِها حقاً وإن كان عن جهل!

حَريٌ بكلِ من يتبنى رؤيةً ما، أن يسوقَ مُبتنيات علمية حقيقية تُساهم في الدفع نحو حالةٍ من التغيير المجتمعي، وربما الثقافي القادرِ على المساهمةِ بتقدمِهِ وتَطورهِ وحلِ مُشكلاته بشتى المجالات وِفق قيمه العليا، فإن قَصَدَ صاحب تلك الرؤية مصلحةٍ شخصيةٍ غير مكترثٍ بمصلحةٍ عامة، صارت المسؤوليةُ في مرمى المتلقي، ليقف بالمرصاد وذلك حين يكُون فطناً، يقظاً لما يُساق لهُ من معلومات، قادرٌ على التحررِ من سطوةِ (كاريزما) القائل، قافزا نحو الفكرةِ والطرحِ وجدواهُ ومدى صحتهِ واحترامهِ للحقوق والواجبات، ممتنعاً عن نشر وتسويق تلك الرؤية -بل كل ما يتلقاه- إلا بعد معرفتها معرفةً حقيقية والتأكد من تحقيقها -ولو نظرياً- للأهدافِ التي تُعلنُ أنها تُريدها وتسعى لها، مُعطياً الآخرين حق انتقادها، وتوضيح أسباب رفضهم لها، لعل ذلك يفتحُ آفاقاً، ويُسلط الضوءَ على مناطقَ مُعتِمةٍ لا بُدَ من كشفِها، وربما إجراءَ التعديلِ عليها لتكونَ أكثرَ موائمةً لمصالح الجميع، مُتفقة مع إمكانات المجتمع آخذةً في الإعتبار هويته وقيمه وثوابته الحقة.

إيمان الحبيشي
16 مايو 2014

واصل السير .. إياك أن تتوقف

مَنْ مِنَّا كان النجاحُ حليفَهُ على مدى سني حياته؟

مَنْ مِنَّا لم يتجرع مرارة الفشل والخذلان وقسوة الحياة؟

مَنْ مِنَّا عاش كُلَّ أيامه موفقًا سعيدًا كلَّما ابتغى أمنية تحققت؟

أكادُ أجزم أن لا أحد مِنَّا يعيش حياةً سعيدةً كاملةً ميسرةً بكلِّ ما تحوي كلمة التيسير من معنى، لكني أيضًا أكاد أجزم أن الكثيرين يعتقدون أن فلانَ الذي عرفوه يعيش حياته اليسيرة مُنَعَّمًا لم يعرف الوجع ولا السعي ولا البذل ولا الخذلان ولا الفشل..

حسنا.. 

نسبيًا، قد يكون لهذه الفئة وجود..

هناك أفراد أنعم الله عليهم بنعمة الصحة والذكاء والمال والبنون والرزق وكثير مما يهب الله عباده، ولربما كان هؤلاء من أكثر الناس تَرَشُّحًا للنجاح وللمساهمة الايجابية في بناء المجتمع، ولكن ببذل بذلوه ومشقة تجرعوها وغرس غرسوه حتى أينع ثم وقع نظرنا على الحصاد..

كذلك فإن بعضًا مِنْ هذه الفئة التي أنعم الله عليها بهباته فظنناهم سعداء بما وُهبوا، لو فتشت بين جنبات أرواحهم لوجدتهم متعبين منهكين حزانى لطالما سلبهم التفكير حلو نومهم، كرجل وهبه الله العلم والتدين والذكاء والصحة والزوجة الصالحة والذرية السليمة، لكنه ابتلى نفسه بالوسواس فكانت الطهارة شغله الشاغل حتى أنهكت جسده وروحه وباعدته عن زوجه وعياله وعزلته عن مجتمعه حتى اقترت عليه رزقه!!

وكزوجة وهبها الله رجلًا معطاءًا صبورًا محبًّا مجدًّا، فأحاطته بسلطان تحكُّمها وشكها، وضربت حوله سورًا من الأوامر والنواهي، وترقب كل شاردة وواردة تطرف بها عيناه حتى انتفض من قفصها ضائعًا هاربًا يبحث له عن شئ من هواء يشهقه، مغمض العينين يزفره مرتاح البال!!

نعم، هناك من وهبهم اللهُ كلَّ أسباب السعادة والتوفيق، إلا أن تركيبتهم النفسية أو تربيتهم الاجتماعية قذفتهم بملئ إرادتهم -طبعًا- في زاوية صغيرة من زوايا حياتهم فانزووا فيها حتى نسوا أن في حياتهم متَّسعًا آخر للأمل والتقدم والهناء..

ماذا يعني أن يُقتر عليك رزقك هُنيئة؟

ماذا يعني أن تواجه صعوبة ما في دراستك؟

ماذا يعني أن تعيش اختلافًا مع شريك حياتك؟

ماذا يعني أن يغادرك عزيزٌ مختارًا أو مجبورًا؟

ماذا يعني أن ترسم خطةً ما لتكتشف بعد حين أنها ليست صالحة للتنفيذ؟!

لماذا يجيد بعض البشر التعثر والوقوف والعيش بشعور المتألم دائمًا.. المغبون دائمًا.. الفاشل دائمًا.. المسكين دائما؟

لماذا يعشق بعضنا الاستغراق في جوانب الضعف من حياته مبطلًا مفعول جوانب القوة لديه؟

أتفهم جدًّا مواضع الألم في الحياة..

أعرف معنى أن تعيش الفشل والخذلان..

أدرك جيِّدًا -كما تدركون جميعًا- معنى السقوط وتبدد الأحلام، إلا أن التوقف لا يعني أن الأمور ستحل من تلقاء نفسها، فإن تعسرت دراستك فالمطلوب أن تبذل المزيد من الجهد، وإن عشت اختلافًا مع شريك حياتك فالمطلوب أن تحاول ايجاد صيغة اتفاق أو توافق أو على أقل تقدير أن تمنعه من التحول لخلاف، وإن فشلت فلا زال في الحياة متسعٌ من معاش.. قد نستسلم يومًا لشكونا.. لغرورنا.. لهوسنا.. لترفنا. لجشعنا..

ليست تلك المشكلة الحقيقية بل هي في أن نستسيغ استسلامنا ونطالب الكون، كل الكون، بالتأقلم مع خلل دواخلنا على أن لن نبذل شيئا من جهد لنعيد مؤشرات شخصيتنا لوضعها الطبيعي.

كل القصة هي: كيف نوظف مشقة الحياة لتكون وقودًا يحترق ليقذفنا خطوات للأمام.

إيمان الحبيشي

4 مايو 2014

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...