ابحث في مدونتي

السبت، 19 ديسمبر 2020

قف.. فكر.. قرر بوعي

 


نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دارج)- حين نتحدث معه أو نحكي له أو نتذمر من سلوكه.

الوعي لغةً هو الإدراك، أي أن يكون الإنسان مدركا لذاته وما يحيط به، مدركا لذاته بكل ما تضم الذات من جزيئيات؛ هوية وعقيدة وفكرا وعاطفة وواقعا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا الخ.

وأحد أهم معاني أن يملك إنسان ما وعيا بذاته ومحيطها، هو أن يكون مدركا تماما للأحداث من حوله، يعرف متى يكون جزءا من الحدث ومتى ينزوي عنه .. يعرف متى يدعمه ومتى يناهضه .. يعرف معنى حدوثه ومعنى عدم حدوثه .. يعي موقعه من ذلك الحدث وصانعه وأثره عليه وأسباب حدوثه وعوامله والهدف منه والوسيلة التي أحدثته.

ولأننا نعيش في عالم مفتوح تماما، أبوابه وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تغلق أبدا، فإن الكثير من الأحداث حولنا رغم بعدها الجغرافي تحتاج منا موقفا واضحا، إما بأن نكون جزءا منها او مناهضين لها وبعضها لا نكون مختارين لموقفنا منها مباشرة، بمعنى أن بعض الأحداث تتقاطع وهويتنا العقائدية أو تتنافر مع وجودنا العام فنجد أنفسنا إما معها تماما أو ضدها تماما. 

كما أن الكثير من الأحداث لا نكون مدركين لحدوثها فضلا عن أن نكون مدركين لابعاد ذلك الحدث، هناك الكثير من الحركات العالمية التي تتخفى في أيقونات العالم الافتراضي مثلا، ولكنها تغيب عن إدراكنا ثم نتفاجأ بأننا جزء ممن نشر ثقافتها وهويتها ورموزها على حين غفلة منا..! هل تعرفون أن أيقونات الشذوذ الجنسي مثلا منتشرة بين (ايموجي) وسائل التواصل وتعبيراته؟! وإننا من حيث لا ندري أضفنا لحديثنا العقائدي أو التربوي أيقونة تدعم الشواذ مرة أو مرات؟! 

وحتى لا نبتعد كثيرا، تعالوا معي هنا بالقرب من واقعنا .. كم حدث نعتقد أننا جزء منه لكنه مناهض لوجودنا؟ نشارك فيه ونحتفل معه وبه ونتراقص سعادة لحصوله في حين يجب علينا أن نناهض رمزيته ومعناه؟! هل تساءل أحدكم قبل أن يشارك في حدث عابر بكل يسر وسهولة، ما معنى هذا الحدث؟ متى صار؟ إلام يدعو؟ من يعني؟ ما هي أهدافه؟ ما أثر مشاركتي فيه؟ ما الرسالة التي تحملها مشاركتي فيه؟! ثم بعد ذلك قرر أن يكون مشاركا أو منزويا او مناهضا؟! 

معنى أن نكون واعين هنا، أن نرفض حالة القطيع التي يعيشها العالم، فيصفق الفرد مع كل ما يصفق له جمع يحمل مصطلحات براقة أو انوارا مشعة وأن يتراقص الفرد مع كل جماعة تعيش حالة تصفيق واحتفال من أجل أن يصفق ويحتفل ويصور وينشر وينقل فرحة كاذبة أو يدعم أحمقا أو مشاركة بلا وعي. 


لان هذه المشاركة بذاتها.. تحمل تزييفا لوعي آخرين وصورة مشوهه عن واقع آخرين وتصرفا غبيا من آخرين. 

نحتاج أن نمتلك ثقافة اسمها (الوعي) ثقافة سلوكية لا حالة عقلية نكتب عنها ونقرأها بين الكتب!

هناك تعليقان (2):

  1. مقال جميل في غاية المسؤولية، ومن المخاطر التي ترتبط بالموضوع، اعتقاد الفرد أنه واعٍ لما يجري حوله، في حال أنه يعيش وهم الوعي لا الوعي الحقيقي.

    ردحذف
    الردود
    1. نحتاج دائما لان نذكر انفسنا قبل الآخرين.. نسأل الله أن نكون من اهل المسؤولية والوعي

      شكرا لمرورك

      حذف

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...