ابحث في مدونتي

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2017

شهر محرم الحرام؛ شهر البذل والعطاء والاستزادة



في كل عام وعلى مدى مئات الأعوام وقبيل بزوغ هلال شهر محرم الحرام، تتشح الأرض بالسواد، تُطوى ملابس وملامح الفرح، وتُجهز ملابس وملامح الحزن، وتفيض القلوب سعادة خاشعة أن بلّغها الله احياء شهر محرم مجددا، حيث تحل ذكرى ملحمة الطف البطولية التي استشهد فيها الإمام الحسين عليه السلام سبط الرسول الأعظم ريحانة علي ابن ابي طالب وفاطمة بنت محمد مع جمع من أهل بيته وأنصاره والموالين لنهجه صلوات الله عليهم أجمعين.

يكون من الواضح أن مواكب العزاء والزنجيل وأحيانا التطبير تحضر بقوتها وعنفوانها أشد ما تحضر في الأسبوعين الأوليين من هذا الشهر، كما تفرض المجالس الحسينية نفسها سيدة الاحياء بلا منازع، وفي كل عدد من الأعوام قد نلحظ بروز عادة أو فعالية أو مظهر جديد للإحياء يقع بين الابتكار والتقليد وبين الأخذ والرد.

الكثير من البرامج المثمرة تُنفذ في مثل هذه الأيام، الكثير من الجهود تُبذل بكل حب واطمئنان وحماس، ليس على مستوى مادي فحسب بل على مستوى بذل الجهد الفكري والجسدي والزمني، فكثير من أبناء هذه الأرض المُحبة يهب وقته في هذه العشرة ولهذه الذكرى من أجل أن يُترجم وصية الإمام الصادق عليه السلام "أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا" لواقع معاش ليس من باب تنفيذ وصية فحسب بل من باب إيمان بأن تعزيز رسالة هذا البيت (محمد وآل محمد "ع") تعني انقاذ المجتمع من العبودية لغير الله ومن الموبقات والتخلف والجهل والارتفاع به ليكون المجتمع المثالي الذي لطالما نادى به الإسلام على لسان وفي واقع نبيه محمد صلى الله عليه وآله.




من جملة الجهود المبذولة والتي تحتاج للدعم والتحفيز هي برامج رعاية الأطفال ومحاولات غرس قيم وأحداث ومبادئ الامام الحسين "ع" في النشئ عبر مجموعة من البرامج التي ترعى هذه الفئة من الجنسين وهو ما وجدته حاضر بقوة في مختلف قرى ومناطق البحرين، أحيانا عبر نصب خيام خاصة بفعاليات تناسب أعمارهم الصغيرة ويكون المشاركون فيها على الأغلب من ذات الفئة كمواكب الصغار التي يلطم الاطفال فيها صدورهم مع ايقاع قصيدة ينشدها طفل وبمكبرات صوت يرفعها طفل أيضا.

أما الفتيات الصغيرات "الزينبيات" فكثير من البرامج أيضا تتعهدهن تعهدا جميلا، فمن برنامج رقية قدوتي-اضافة لمشروع الصلاة العامل على مدار العام-في قرية السنابس المشهود لها بنشاطها الدائم ورعايتها المستمرة، الى قرية الدير وبرنامج مواسم الهدى الذي تشرف عليه جمعية الهدى حيث يتم استضافة الفتيات يوميا لممارسة مجموعة من الانشطة والفعاليات التي تعزز الكثير من القيم والمفاهيم والمبادئ الإسلامية التي أكد عليها الأئمة بعد النبي صلوات الله عليهم أجمعين.

ورش عمل تربط بين شخصيات كربلاء والقيم التي تمثلوها، شرح زيارة وارث وتقريب مفاهيمها ومصطلحاتها لذهن الصغيرات، استعراض مواقف الصحب الكرام وصبر زينب عليها السلام وتضحيات الحسين، وحضور كربلاء في واقع أهل البيت قبل وقوع هذه الملحمة وبعد ١٤٠٠ عام وربطها بقائم آل محمد "عج".

هي جهود تستحق أن يُلتفت لها وأن تُشجع وأن تمتد الأيادي لتدعمها وتؤمِّن استمراريتها بل وتمدها بالأفكار التي من الممكن أن تتحقق الأهداف عبرها بكل ابداع وابتكار.

كم ندين لهذه الجهود؟
كم نشكرها؟
كيف نكون طوب بناء لا معاول هدم لها؟
هل نلتفت أصلا لما يبذل من أجل اقامتها واستمراريتها وتقدمها؟


شكرا لتلك الأيادي البيضاء التي تعمل في كل قرى البحرين لاحتضان هذه الفئات الصغيرة، شكرا لكل من يقدم دعمه المادي والمعنوي من أجل استمرارية ذلك الاحتضان ودفعه ليكون أكثر انتاجا وحيوية وابداعا، شكرا للآباء والأمهات الذين لا زالوا يدركون أهمية أن تكون تلك الجهود حاضرة، وشكرا قبل كل شئ لله الذي يمد هذا المجتمع بالقوة ليبقى ماسكا بقوة بهويته وقيمه وقدواته ومبادئه على الرغم من الهجوم الخارجي المعادي والمقصود والهجوم الداخلي الذي يمتلئ بالنوايا الحسنة لكنه وبكل صدق بات يحتاج لتهذيب وحذر.

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...