ابحث في مدونتي

الأربعاء، 24 يوليو 2019

الطلاق وورش العمل المنقذة..!


منذ مدة غير قليلة ونحن نسمع الأصوات ترتفع مستهجنة ارتفاع نسب الطلاق في مجتمعنا ومطالبة باتخاذ اجراءات وتدابير وربما قوانين للحد من الطلاق "الذي لا زلت اتحفظ في اطلاق صفة الظاهرة عليه"
.
بين مجموع تلك المطالبات اقتراحات منطقية واخرى اقل ما يقال عنها انها خرافية بل هناك اقتراحات هدامة، كتحريض المرأة على الدخول لبيت الزوجية وتحن عبائتها سلاح الطلاق تطلقه على اساس بيتها متى ما شعرت بالغبن!! ولست في وارد التصفيق او النقد لمثل هذه الاقتراحات لكني في وارد "اطلاق" مقترح من محدوديته الغريبة التي ابتلينا بها مؤخرا
.
يبدو لي اننا سمعنا اقتراح "اعداد الرجل والمرأة ليكونا زوجين مسؤولين اعدادا متكاملا" على ان ذلك سيحد من وقوع الطلاق او لعل البعض يظن ان في ذلك انقراض لاجراء الطلاق! وفي تصوري هناك جانبان يتم اغفالهما لمن حمل هم هذا الواقع واراد تقليصه:

- الأول: هل حقا نحتاج ان نعد الابن والابنة أسريا واجتماعيا ليكونا مجرد زوجين؟! حسنا ما معنى ان يكون المرء زوجا؟ ان يكون محبا؟ ان يكون حسن الظن؟ ان يكون مسؤولا؟ ان يكون رؤوفا؟ حازما؟ وصولا؟ متحدثا؟ مشاركا؟

هل هذه صفات زوج؟ ام هي صفات انسان؟

في الواقع من الخطأ أن نحد اجراء اعداد الابن والابنة ليكونا زوجين حتى تنجح مؤسسة الزواج ذلك اننا مطالبون ان نعد انسانا حقيقيا فاعلا مسؤولا منجزا داخل مؤسسة الزواج وخارجها وحين نعد هذا الانسان فنحن نكون قد وهبنا أنفسنا ومجتمعنا؛
ابنا بارا
عضوا اجتماعيا فاعلا
زوجا مسؤولا
ابا راعيا
الخ
.
لا يمكن ان نفصل الانسان في جملة الادوار التي يمارسها في حق نفسه/في حق اسرته/في حق مجتمعه/في حق عقيدته ومبادئه

فحين نعد فردا صحيح العقل والعقيدة والروح نكون بكل تأكيد اعددنا زوجا وأبا اضافة لكل الادوار التي لا بد ان يلعبها الفرد باختلاف عمره وموقعه في مجتمعه.

الاغرب من محدودية هذا الاجراء، الاصرار على زيادة ورش العمل وورش التنمية الذاتية: كيف تكون زوجا ناجحا؟ كيف تتفاهمين مع خطيبك؟ كيف تحب زوجك؟ الاساليب العشر لحفظ الود.. على ان هذه الورش ومدتها الساعتين والاسبوع والمختومة بتكريم وشهادى ستفرخ في المجتمع مجموعة ازواج مبدعين ومحبين.. وكأن العشرين والثلاثين سنة التي قضاها وقضتها الشابة في معترك الحياة لم يعد ينقصها سوى ورشة تنمية بشرية بساعتين وشهادة!!

- الثاني: من قال ان وقوع الطلاق بالضرورة يعني ان هناك خللا في ذات احد الزوجين؟ هل كل الازواج الذين انتهت علاقتهم الزوجية بالطلاق كانوا غير مسؤولين؟ كلهم كانوا مهملين؟ كلهم كانوا غير محبين؟ كلهم كانوا بخلاء؟ كلهم كانوا سليطي لسان ويد؟ كلهم خونة؟ وهل حقا من السلامة ان نقضي على الطلاق كاجراء؟؟ 

في الواقع هناك حاجة حقيقية للطلاق، وفي اباحة الله له حكمة، الكثير من الازواج مسؤولين وواعين لكنهم وجدوا انفسهم مضطرين للذهاب في طريق الانفصال والطلاق ذلك ان الانسان ليس تركيبا ماديا بحتا ولا معادلة رياضية ثابته، بل هو عبارة عن مركب متكامل من حاجات ومشاعر ومبادئ واساليب حياة وقناعات، كل تلك المحتويات تتفاعل فيما بينها داخل النفس البشرية وعبر العلاقات القائمة زوجية كانت او غيرها وهناك ما يتجه للتفاهم والانسجام وان كان ظاهرا يحمل صفة التنافر وهناك ما يتجه نحو التصدع والانقسام وان كان ظاهرا يحمل صفة التجاذب.

لكي نحد من نسبة الطلاق نحتاج اولا ان نحترمه كخيار لا بد منه أحيانا، كاحترامنا للكي كعلاج اخير ولا بد ان نحترم مخرجاته وواقعه ونحاول الحد من تبعاته السلبية بالحد من دس انف المجتمع في تفاصيله.
ثم نحتاج للنزول على ارض الواقع حين نعد ابنائنا وبناتنا للحياة، فنتركهم في معتركها يخطأون ويوجهون وينصحون ويصححون ليكبروا وقد ذاقوا صفة الحياة الحقيقية ليس من خلال ورش عمل بل من خلال مدرسة الحياة ثم لا بأس ان نمتعهم بورشة عمل يضيفون لها اكثر مما يأخذون منها، فان كانوا ازواجا كانوا ازواجا مسؤولين يطبقون قاعدة الله تعالى "امساك بمعروف او تسريح باحسان" للرجل والمرأة على حد سواء، بشرا مسؤولين سواء نجحت العلاقة الزوجية او اضطروا لفك عراها بكل رقي واحترام ومسؤولية.

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...