ابحث في مدونتي

السبت، 19 أغسطس 2017

القراءة.. ليست متعة



 




قد يستثير عنوان المقال الكثير من محبي القراءة الذين يمارسونها بشغف، وأولئك الذين تستنقذهم هذه العادة الفاتنة من قمقم الحزن أو اليأس أو من براثن الملل وقطعا الجهل لكن .. أجد أن أغلب المتحدثين عن والمؤمنين بـ ضرورة القراءة يتحدثون عنها كفاتنة خطفت قلبهم أو عروس يدفعون لكسب ودها وقتهم وأموالهم وجهدهم، بينما في الواقع فالقراءة تعد جهدا ذهنيا لا يقل عن بقية الجهود الذهنية التي يبذلها الإنسان والتي قد تتسبب له بالتعب والارهاق إضافة للمتعة وقد يشعر أحيانا اتجاهها بالعزوف وبالحاجة حتى للهرب.

ورغم أني أجد أن عادة القراءة أو هواية القراءة تنتشر إلى حد ما بين مختلف الأعمار والفئات من الناس حولي، إلا أنه وبكل تأكيد لا زال هناك جمع كبير إما يجد أن القراءة مشقة لا يقوى على بذلها أو أنها عروس لا يملك دفع مهرها "الوقت والمال" خصوصا وأن البعيدين عن جو القراءة عموما بعيدين -في تصوري- عن سحر القراءة الالكترونية التي توفر المال كما أنها تُمارس بمرونة أكبر من تصفح كتاب.

لذلك فدائما ما يحضر بذهني هذا السؤال:

كيف يتلقى أولئك الأشخاص الذين يجدون في القراءة مشقة وجهدا مكلفا، كيف يتلقون الغزل العفيف والصريح -والذي بدأ في الانتشار كثيرا-حول ممارسة القراءة؟! هل يُحفّزهم ليقتحموا هذا العالم باصرار؟أم أن هناك فئات يزيدها الغزل الدائم في القراءة نفورا وشعورا بالغربة معها؟خصوصا حين يجربون ممارستها فلا يجدون فيها إلا سلبا للوقت والجهد وجاذبا للملل وربما الوحدة على عكس ما ملئنا أسماعهم؟!

أؤمن كثيرا اننا نحتاج دائما لتوضيح كل جوانب الصورة في الحديث عن قضية ما أيا كانت والقراءة ليست استثناء..

القراءة ضرورة يجد البعض في ممارستها نوع من تحقيق الذات وضرورة لبنائها ومتعة أثناء ممارستها، تنقذهم من جلسات الحديث اللاهي وتبعدهم عن ساعات الحزن والملل وتأنس وحدتهم وتسكت ألمهم وتشغل أوقاتهم الضائعة بما يفيد لكن .. هناك من يجد أيضا أن القراءة جهد لا بد أن يبذله لذلك فهو يحث نفسه على ممارستها ارغاما لها من أجل تعليمها وتحصينها من الجهل، وقد يقع أحيانا فريسة الملل من القراءة أو الحيرة فيما يقرأ أو فريسة للشعور بالذنب لأنه يقرأ ما لا يجب أن يقرأه ويترك ما يتحتم عليه أن يقرأه.. للقراءة جانبان جانب متعة وجانب مشقة تماما كما كل العادات والأعمال والهوايات الأخرى.


عزيزي / عزيزتي

أيها الإنسان الذي سمعتَ كثيرا أن القراءة بانية الناس والأوطان وأنها عروس لا يكسب ودها إلا بشر من نوع خاص جدا .. ليست الصورة بهذه الدقة

ان القراءة عمل ضروري يحث الإنسان نفسه ليمارسه مهما كبده من مشقة وتعب ومتعة ذلك أن القراءة اليوم هي وسيلة الإنسان للتعلم كما هو واقع الذهاب للمدرسة والجامعة فهل كنا نعشق المدرسة بكل فصولها ومراحلها ومواقعها؟أم كثيرا ما وجدنا أنفسنا مدفوعين اتجاهها لانها وسيلة أساسية لتحصيل العلم؟ هل عشقنا كل مادة تعليمية؟أو كلنا كنا نحب الرسم في حصة الفن؟أو نعشق الركض في حصة الرياضة؟ أم كلنا كنا نستمتع بمسك الابرة في حصة التدبير المنزلي؟! هذا فضلا عن بقية المواد الأساسية التي كبدتنا التعب من أجل تحصيلها.
 
الفارق الحقيقي أننا لم نكن نختار موادنا التعليمية بينما يمكننا اليوم اختيار تخصص نعشقه أكثر من آخر لنقرأ عنه وان لم نقتصر عليه، ميزة القراءة أنها تجيب عن تساؤلاتك أنت لا المنهج الدراسي، تلبي حاجاتك أنت لا رؤية وزارة التعليم في بلدك، تعلمك بطريقتك أنت لا بطريقة معلم الفصل في مدرستك وهنا يكمن سر القراءة الساحر.

تبقى جنبة مهمة جدا؛ نعم القراءة وسيلة مهمة لتعليم النفس وتثقيفها والاجابة عن اسئلتها لكنها حتما ليست الوسيلة الوحيدة، ان كان الهدف من القراءة تحصيل العلم حول تخصص ما فاليوم تتوفر الكثير من السبل لتحقيق ذلك؛ ورش تعليمية وأفلام وثائقية وصالونات ثقافية ومقالات قصيرة وبشر محبين لنشر العلم مستعدين للاجابة والمناقشة، يمكنك من خلال كل تلك الوسائل أن تمارس القليل من القراءة اضافة لتلك السبل لتحقق الهدف الأساس منها؛ بناء الانسان الفكري والنفسي ووو .. وان كان الهدف من القراءة المتعة الهادفة فلن تعدمك السبل الكثيرة أيضا فقط ضع نصب عينيك هذا الهدف; (أن أتولى تعليم نفسي ما حييت) وسوف تجد السبيل المناسب لك والذي يتوافق مع ميولك ومزاجك وظروفك ووقتك وقدرتك المادية لكن أرجوك، حين تجد أن القراءة ليست فاتنة ممشوقة القوام كما ندعي نحن المتشدقون بذلك، فثق في رأيك وامضغها كدواء مر في سبيل الوقاية واتخذ سبل العلاج التي حاولنا طرق بعض أنواعها في الأعلى لكن لا تتخلى مسؤوليتك اتجاه نفسك وأسرتك ومجتمعك  وقبلها اتجاه من أهداك اياها.. وواصل بناء ذاتك بالقراءة وبكل السبل المتاحة.


قراءة ممتعة 🌸

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...