ابحث في مدونتي

الخميس، 19 مارس 2020

هي جبهتك حتما..




ماذا تعني الظروف الاستثنائية؟ ومالذي تقتضيه الايام الصعبة؟ وكيف تُدار الازمات؟

أسئلة علينا ان نسأل أنفسنا عنها ولا بأس أن نتصفح محركات البحث من أجل الوقوف على أبرز ما يمكن ان نعرفه ونتعلمه في ظل أزمة عالمية تمثلت في فيروس #الكورونا سريع الانتشار والذي يهدد حياة كبار السن والمرضى وضعيفي المناعة على وجه الخصوص والذي قلب حياة البشر رأسا على عقب فأُغلقت المؤسسات التعليمية وتغيرت طبيعة الحياة من الاندفاع الى الحذر فلا الاجتماعات ظلت قائمة ولا المحال بقيت آمنة وصرنا نعيش كأفراد مسؤولية شخصية تتمثل في ان نحافظ على أنفسنا وأبنائنا ومسؤولية انسانية ودينية واجتماعية بأن نساهم في محاصرة انتشار الفيروس عبر الالتزام بالتعليمات الصادرة عن اهل الاختصاص.

من الواضح ان مسؤولية محاصرة الفيروس وقائيا وعلاجيا تقع على عاتق عدة أطراف، أبرزها الدولة بمؤسساتها وأجهزتها وثانيها أفراد المجتمع وثالثها ما يُتعارف عليه اليوم باسم المجتمع الدولي، فلا اقدر من الدولة على ادارة الازمات فهي تُصدر التشريعات وتَسن القوانين وتُعلن المسموح والممنوع وتُلزم المجتمع بكل فئاته على التقيد بتعليماتها طوعا وكرها، وهنا واجب على افراد المجتمع ان يلتزموا بالتعليمات حرصا على انفسهم وانطلاقا من المسؤولية الدينية والانسانية والاجتماعية قبل أن يلتزموا بها خوف المساءلة القانونية.

ثم فان افراد المجتمع هم ايدي الدولة التي من خلالها يتحقق ما يُراد، وفي هذه الأزمة فإن الاطباء والباحثيين الصحيين وعلماء الجسد والنفس والكادر التمريضي، هم جنود الدولة الأوائل وجيش الدفاع عن الانسان والوطن، يُقدمون أرواحهم بكل صبر ووقتهم بكل حب، ويتواجدون في عمق ما نهرب منه من أجل الذود عنا، بينما لا يزال بعضنا يستمتع بالحياة على مختلف الاصعدة، ولا يُطلَب منه سوى أن يحتضن صغاره داخل بيته ويرعاهم، حاميا نفسه من المجتمع وحاميا المجتمع من نفسه.

لكن وبكل صدق ليس ذلك كافيا.

تقوم الجهات المختصة تحت إدارة الدولة بجهدها المشكور وهناك حتما جوانب قصور لا بد من المطالبة برفعها بكل تفهم وصبر، لان المهم اليوم ليس إبراز جوانب القصور كصفة لازمة للدولة، بل ابرازها لتداركها ومعالجتها والالحاح من اجل المساهمه برفعها. لا يمكن أن يكون الحدث المباغت والسريع الحاصل خارج ارادة الانسان مثل الاحداث اليومية الروتينية، بل ان مثل هذه الاحداث تحتاج لتضافر الجهود ومحاولة تقديم كل ما يمكن تقديمه للجهات المختصة، والوقوف معها في جبهة واحدة شديدة الصلابة شاءت ذلك أم أبت، ففي ذلك حياة البشرية لا المواطن في هذا المجتمع فحسب، فحين تتدارك الصين المرض تتبعها ايران وإيطاليا ومصر والكويت يعني ان الحياة خارج مجتمعنا باتت اكثر أمنا وما ان نتمكن من محاصرة المرض فنحن نعود تدريجيا للحياة الطبيعية دون الخوف من التنقل بحرية داخل وخارج البلاد، وهو ذات الأمن الذي نحققه للبلدان الأخرى حين نحاصر المرض في مجتمعنا.

هل يكفي اذا ان نراقب زلات الجهات المختصة ونملئ الدنيا ضجيجا لابرازها؟ هل يكفي أن يتطوع اثنا عشر ألف إنسانا نبيلا واضعا نفسه تحت تصرف الجهات المختصة تستثمره في الموقع الذي تحتاجه فيه؟

أم نحتاج أن يظل الإنسان السليم سليما فلا ترتفع حدة الاصابات ويعني ذلك فقط، ان ندفع بالواجبات الاجتماعية لأدنى مستوياتها، فلا تهنئة مباشرة عبر حضور فرح ولا مواساة مباشرة عبر إقامة مآتم ولا عتب ولا تزمت ولا استهزاء بملازمة الناس بيوتاتها.

بل اكثر من ذلك..

الجبهة الانسانية الوطنية تحتاج لكوادر بشرية، والكوادر البشرية على الرغم من صغر حجم هذا المجتمع هبت لنجدته، الجبهة الانسانية تحتاج لإدارة والجهات المختصة موجودة على رأس الازمة وان حوت جوانب قصور، الجبهة الانسانية تحتاج لمجتمع ينقاد لتعليماتها وأتصور أو لأكون أكثر دقة (آمل) أن هذه الجبهة بدأت تعي حجم الخطر أو على الأقل تعي ضرورة التزامها أو لتخجل من عدم التزامها، ولا ضير أن يتحول (العيب) اليوم من (عيب ماتحضر) إلى (عيب تحضر) المناسبات العامة والتجمعات والديوانيات والفواتح والأفراح.

ثم فان الجبهة الوطنية تحتاج دعما ماليا ولوجستيا تقدمه المؤسسات الأهلية والتجار والشركات الاستثمارية وحتى الأفراد المقتدرين، فهي من هذا المجتمع والضرر الذي يمسه يمسها بحدة ورفع البلاء عنه يرفع البلاء عنها.

ماذا لو وضعت بعض الشركات الكبرى تكلفة (إعلانها ودعايتها) الذي تبذل عليه ما تبذل تحت تصرف الجهات المختصة او دفعت به في جوانب الضرر والقصور الذي انتجته الازمة؟ كأن تدفع رواتب كل موظفيها كاملة دون نقصان حتى وان اضطر بعضهم للبقاء في منزله؟ ماذا لو دفعت مبالغ للمتضررين من أبناء المجتمع كسواق الباصات والعاملين لحسابهم الذين توقف عملهم بسبب الازمة ولا يملكون دخلا ثابتا؟

ماذا لو وضع أصحاب الفنادق والصالات مبانيهم تحت تصرف الجهات المختصة بلا اي تكلفة مادية ودعوا التجار لدعم استثمار مبانيهم من قبلها.. مثلا لاستخدامها كحجر صحي؟!

أصحاب الفواتح والافراح ومن رصدو مبالغ لها قيمتها من اجل قضاء اجازة في الخارج. ماذا لو قدمتم ما رصدتموه قربة لله تعالى تحت تصرف الجهات والصناديق الخيرية، او دفعتموه لإحدى دور الحضانة/الروضة التي تئن تحت مطرقة عدم قدرة بعض أولياء الأمور دفع اقساطهم الشهرية لتوقف عملها، وبين سندان حاجة معلماتها لرواتبهم وضرورة دفع التزاماتها الشهرية لتعلن الدار لأولياء الامور ان فاعل خير تكفل باقساطهم الشهرية حتى نهاية الفصل الدراسي.. ترى كيف سيرى الله عملكم هذا؟؟ أليس أولى من موائد كانت سترمى في القمامة؟؟ أليست بركة وبرا نحتاجه في حياتنا أليست صدقة لدفع البلاء؟؟

هناك جبهة وحيدة تعمل اليوم، لا جبهات مقابلها الا جبهة المرض والبلاء، جميعنا ننتمي للجبهة الأولى، جميعنا نحتاج وبسرعة للانتصار على الجبهة الأخرى، أيا كان موقعنا ودورنا في هذا المجتمع وأضعف الايمان ان نتفهم ضرورة وجودنا داخل اطار عائلتنا الصغيرة فنلتزم بهذا الوجود ونحض عليه ونحترم التزام الآخرين بهذا الوجود.

نسأل الله أن يرفع البلاء عن البلاد والعباد وان يشافي المصابين ويتغمد الضحايا برحمته.

(رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...