ابحث في مدونتي

الأربعاء، 11 أكتوبر 2017

آمن بالكلمات على قدر إيمانك بالصمت



كثير ما نواجه مواقف لسوء الفهم واختلاف وجهات النظر قد تصل أحيانًا للتصادم، التصادم في وجهات النظر لا التصادم الحقيقي المفضي للأذى.
.
وكثير ما نختار أحيانا أن نصمت وننسحب امتثالا للقول المأثور؛ (الباب الي يجي منه الريح سده واستريح) خصوصا حين نفقد الأمل بالقدرة على التغيير في وجهة نظر الطرف الآخر، أو حتى الاقتراب منها، أو حين نفقد الأمل في روحية الطرف الآخر ورؤاه ونرفع راية بيضاء للسلام معه رغم الاختلاف درءا لولادة خلاف.
.
لكن.. يبقى للكلمات أثرها الساحر في رفع الخلافات وحل المشكلات وعلاج القلوب المحتقنة، ولا أعني هنا الكلمة الطيبة فتلك لوحدها حكاية، لكن أعني أن نختار: (التحاور/النقاش/التوضيح/الاستفهام/العتاب المنتج/النقد البناء/الكلمة المكتوبة) في تفاعل البشر بعضها مع بعض.

حين تكون الكلمات سيدة التعاملات بين الأب وأبنائه، بين الأخوة والأخوات، بين الأصدقاء والصديقات وزملاء العمل والعلم، بين الأزواج والأهل والجيران والأقارب، بل حتى بين الغرباء الذين للتو اضطروا للتفاعل مع بعضهم بسبب حادث سيارة أو لقاء على هامش عمل مؤقت أو مجرد تلاق عابر، حين تكون سيدة كل هذه العلاقات هي الكلمات فكم من باب ريح سنسده لكن ليس على طريقة الصد والانسحاب، بل على طريقة استئصال السوء والشر والإبقاء على الود والمحبة؟
.
مؤسف أننا نفقد الكثير من الأبواب المفتوحة لعلاقات كانت من الممكن أن تكون منتجة وفاعلة وصحية لأن أحد أطراف أو كل أطراف تلك العلاقة يفتقدون لفن الكلام؟! يكفرون بسحر الكلمات؟ يؤمنون بالانسحاب وغلق الأبواب؟! ويختارون الصمت في الوقت الذي يكونوا فيه بأمس الحاجة للكلام؟!
.
كل علاقة منتجة هي علاقة مفعمة بالكلمات، وحين تود أن تقيس مدى نجاح علاقة..فقط راقب خارطة الحوار لطرفي العلاقة، أبجدية أطرافها ومدى قدرتهم على التحدث مع بعضهم حين الاختلاف كما حين التوافق، أثق أن كل علاقة تختفي منها الكلمات وتنسحب من بين جنباتها الابجدية علاقة تسير نحو الموت، بربكم من منا يصاحب صديقا صامتا؟! وأي علاقة تلك التي لا تعيش سكرة الثرثرة أحيانا والضحك أحيانا والفضفضة أحيانا والصمت أحيانا أيضا؟! بل والانفعال حين التحاور أحيانا؟! مجرد وجود حالة من الانفعال لا تلغي وجود حوار ولا تعني نهاية انسجام، لكن احترام حالة الانفعال التي قد يمتلئ بها أحدنا عند الدفاع عن وجهة نظر -دون الاساءة طبعا- جزء لا يتجزأ من أبجدية الطرفين وخارطة حوارهما وجمال مشاغبة أفكارهما لبعضهما وقد يكون ذلك الانفعال جانب من حوانب اثراء العلاقة وتنمية الشخصية لكل فرد معني بها.
.
إذا أرتم أن تحافظوا على علاقات صحية.. حافظوا على أبجدية وخارطة حوار واسعة جدا.. آمنوا بالكلمات كما تؤمنون بالصمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...