ابحث في مدونتي

الخميس، 12 فبراير 2015

قصتي : حب في ن السياسة (26)




لم يعد فضل قادر على الانتظار، فحمل هاتفه ليستعد للاتصال بزوجته، مرة أخرى سأل فضل حسن ان كانت زهراء قد أجابت على رسالته، فنفى الأمر وصار يصبره، لعل المانع خيرا ..



تحدث الحاج علي مع زوج العمة شيخة، طالبا الاطمئنان على شريفة، فتوجهت العمة لمنزل أم فهد فهاتف شريفة لا زال مغلقا!! بمجرد أن دخلت للمنزل، وجدت أم فهد جالسة فسلمت عليها وسألتها:

- أين شريفة يا أم فهد هاتفها مغلق منذ مدة .. والجميع قلق عليها

استدارت أم فهد نحو العمة، ووجهها يحكي شيئا، جلست بالقرب منها، وقلبها يكاد يخرج من جوفها:

- فهد؟؟

بكت الأم واحتضنت شيخة:

- لقد نقلناها للمستشفى .. فقد أغمي عليها نتيجة ضيق شديد في التنفس بعد أن سلبها فهد هاتفها..



طاف بمخيلة شيخة (فضل وحسن)، لم تكن قادرة على الاستقرار، أن يستلم فهد هاتف شريفة، يعني أنه قد وقع على كنز ثمين بالنسبة له، بصوت متقطع سألتها:

- وأين الهاتف؟؟

- لقد كسرته شريفة قبل أن يغمى عليها وهو الآن بحوزتي

تنفست العمة الصعداء، وحمدت الله كثيرا، لكن ليطمئن قلبها أكثر سألتها:

- هل تعتقدين أن فهد قد اكتشف شيئا؟

- منذ البارحة وأنا في حيرة من أمري يا شيخة، لا أدري بم يفكر فهد، خطر ببالي أن أتصل بك لتغيروا مكان الشباب، لكن خفت أن أعرّضهم لخطر دون أن يكون هناك أي داع، فمن أين له بمكانهم!

- أعتقد مادام فهد أراد هاتف شريفة .. فهناك أمرا قد توصل اليه أو على وشك أن يتوصل اليه.. ما حال شريفة؟

- متعبة .. سأتوجه لها بعد قليل ..

- حسنا .. أنا ذاهبة لأمر مهم .. وسألتقيك عند شريفة ان شاء الله ..



بسرعة ركبت العمة سيارتها، وصارت تسير على غير هدى، هل تتوجه للحاج علي؟ أم تذهب لتخرج الشباب من تلك الشقة؟ ماذا عساها تفعل؟؟ لم تكن قادرة على الاستقرار، ففكرت بالتوجه مباشرة لشقة الشباب، لتخبرهم أن شريفة على فراش المرض، وأنها تتوقع أن فهد يعرف شيئا!



في تلك الاثناء، كان فهد يعد عدته للتوجه لموقع الهاتف! لم يكن يدرك ما يمكن أن يخبأه الرقم الذي وجده بهاتف شقيقته، لكنه وبكل تأكيد لم يكن ليتوقع حقيقة الأمر، توجه فهد لوحدته وطلب من مسؤوله مساعدته في أمر شخصي!

- أحتاج لقوات دعم لاستطلاع موقع ما

- مخربين؟

- بصراحة يا سيدي .. الأمر خاص لكن لا أدري ما الذي سيسفر عنه

- ولماذا علي أن أمدك اذا بقوات دعم؟؟

- اعتبرها خدمة .. وأعدك أن اردها لك سيدي ..

- حسنا .. خذ معك دورية مدنية

- واحدة؟؟؟!!

- وهل تحتاج أكثر؟ تتحدث عن منطقة آمنة فلماذا تحتاج أكثر من دورية واحدة؟ أنتم مسلحون يا فهد




خرج فهد غير راض عما آلت اليه الأمور، لكنه يدرك أن وقته من ذهب، ففكر أن يتوجه وحيدا للموقع ليستطلع الأمر، ثم يطلب المساعدة في حال حاجته لها. وصل فهد للموقع وتوقف على مقربة منه، ظل ينتظر أمرين اما أن يخرج أحد من المكان أو يدخله، واما أن يخبروه بتمكنهم من تسجيل اتصال تم بين هاتف شريفة والرقم ذاته، ليعرف من صاحب الرقم!



اقتربت العمة شيخة من موقع الشقة، لكن داخلها شعور بخطورة توجهها لهناك دون سابق اتفاق، فاستدارت عائدة وتوجهت لمنزل الحاج علي، دخلت مسرعة طالبة رؤية الحاج علي، دخلت معه لمكتبه وقد وتّره كثيرا قدومها، اذ لم يعتد حضورها دون سابق انذار ولوحدها!:

- هل أصاب شريفة سوء؟

- انها ترقد في المستشفى اثر مشادة بينها وبين شقيقها .. لقد حاول الاستيلاء على هاتفها فكسرته!

- ولماذا أراد هاتفها؟

- لا أدري يا حاج .. لكن قلبي غير مطمئن وفكرت بالتوجه للشباب لإخبارهم بالأمر

- اياك أن تفعلي .. عليكم جميعا مراقبة تحركاتكم .. ممنوع منعا باتا أن تذهبوا لهما.. وربما علينا تغيير مكانهم لا حرصا عليهما فقط .. بل ربما حرصا عليكم أكثر .. لا أدري كيف يفكر هذا الشاب لكن علينا توقع الأسوأ.

- ماذا أفعل؟

- دعي الأمر لي .. وأرجوك طمأنيني على حالة شريفة الصحية



خرجت العمة من منزل الحاج علي، وربما كانت تشعر بشيء من الراحة وان كان قلقها لا زال يمتلكها، لكنها تثق أنه يجيد التصرف. توجهت العمة للمستشفى للاطمئنان على ابنة أخيها، كانت شريفة متعبة جدا، لم ترها عمتها مسبقا بهذه الحال، همست لها:

- هل هناك أمر تحتاجين لإخباري به؟

بصعوبة تحدثت شريفة، ومن خلف قناع التنفس :

- أرجوك عمتي .. حافظوا على فضل وحسن

- لا بأس عمة .. لا تقلقي أنت وكوني بخير .. أريد هاتفك لإرسال رسالة لطمأنته عليك

- دعيني احدثه عمة ..

- حسنا ....



أمسكت شريفة بهاتفها بصعوبة، وانتزعت قناع التنفس من على وجهها، أدخلت رمزا كانت قد اتفقت عليه مع فضل لإجراء مكالمة، ثم ضغطت رقم الهاتف، صار يرن ويرن بينما تمسكه العمة وهو على اذن شريفة، لم يبتعد فضل عن هاتفه منذ يوم الأمس اذ كان ينتظر هذه المكالمة، بسرعة رفع هاتفه :

- أهلا عزيزتي .. ما بالك؟ لم كل هذا الغياب؟ قلقت عليك كثيرا

تورد وجه شريفة الشاحب من أثر المرض، تبسمت ثم همست له :

- لقد دخلت في نوبة مرضي ونقلت للمستشفى .. أنا آسفة لأني لم أبلغك بذلك

- لا بأس عليك .. صوتك متعب جدا؟ هل انت متأكدة أنها مجرد نوبة أخرى؟

- نعم .. لكن وبسبب الغبار العالق في الجو فقد كانت نوبة قاسية

- سلامتك .. اكراما لي انتبهي لصحتك

- فضل ... أريدك أن تتخلص من هذا الرقم .. وأن تنتبه لنفسك جيدا ..

- ماذا هنالك ؟

- مجرد احتياط امني .. صرت أخشى كثيرا من تصرفات شقيقي

- لا بأس عزيزتي .. سأفعل ان شاء الله



أقفل فضل الهاتف وقد استبد به القلق، لا بد أن أمرا ما قد حصل، والا فلماذا تحذره شريفة من الهاتف؟؟ أسرع لحسن وأخبره بما أبلغته به شريفة، فظل الشابان حائران، لأي درجة عليهما أن يحتاطا؟!! وان اقفلا الهاتف الآن فكيف ينجح حسن في الخروج؟!! أرسل حسن رسالة مستعجلة لأصحابه يخبرهم بضرورة تقديم الموعد، وتأمين الطريق بينما سلم فضل الأمر لله:

- عليك أن تسرع في الخروج يا حسن

- سأفعل ان شاء الله .. ماذا عنك؟

- بصراحة .. أنا قلق أن يكتشف فهد أننا باستضافة عمته أكثر من أي أمر آخر!!

- ما العمل؟ لا بد أن نفكر بكل الاحتمالات ..

- المشكلة أن شريفة كبلت يدي بطلبها أن نتخلص من هذا الهاتف!

لقد حصل فهد على ضالته، صوت شاب أصيل من هذا البلد كان على الجهة الأخرى من مكالمة أخته، لم يبق عليه سوى أن يعرف اذا لمن هذا المكان؟؟ ومن يقطنه؟؟ وكيف يقطن شاب أصيل منطقة كهذه؟! انه بعيد جدا عن أهله .. هكذا كان يفكر فهد، وكأن كل الشر قد تكدس في قلب هذا الانسان، فصار يمشي وتسيره نواياه الخبيثة، عيناه تطلق شررا وكفاه تخطط لسلب أمان الآخرين، وان كان هؤلاء الآخرين هم أهله، شقيقته التي من لحمه ودمه!!




كان فهد غارقا في نواياه الخبيثة، يجري بعض الاتصالات التي من الممكن أن تعينه على ما يريد، الا أن صوت البرقية الذي صار يطلبه بشكل ملح، أجبره على التحرك من الموقع، انهم يطلبون منه التواجد عند أحد المجمعات مدعوما بدوريات مدنية وعسكرية أخرى، "لقد تم القبض على مجموعات تخريبية من داخل المجمع" فرك فهد يديه ممنيا النفس بصيد ثمين، كانت مفاجأته حين دخل لمواقف السيارات بذلك المجمع، ليلقي نظرة على ما أبدعه رجاله، فكانوا مجموعات نسائية!!! أُلقين على وجوههن في الارض، وكبلت أيديهن للخلف، كانت الفوضى عارمة جدا.

تقدم فهد المجموعات النسائية المكبلة وصار يبصق عليهن ويكيل لهن شتائمه البغيضة، أمر بجر الفتيات لنقلهن لمراكز الاعتقال، فصار الشرطة من أشباه النساء والرجال يدفعن بالنساء لداخل باصات خصصت لتكديس الفتيات داخلها، قذفت الفتيات داخلها قذفا، مع ضربهن بالهراوات بل ونزع أحجبة بعضهن، وجرهن من شعورهن، كانت ساعات عصيبة على أولئك الفتيات، ساعات سعيدة على قلب معدم من الإنسانية.

صار الناس يتساءلون عن هويات أولئك الفتيات وما يجري عليهن، فسربت صورة لئيمة توضح وضعهن القاسي، استفزت مشاعر الناس تلك الصورة، فارتفعت أصوات الكثيرين رفضا لها، علم فضل وحسن بما جرى هناك، فصار حسن يتساءل "أترى زهراء معهن؟! لقد أخبرتني أنها ذاهبة للمشاركة بإحدى الفعاليات" حمل الهاتف محتارا كان بحاجة ليبعث لها رسالة، الا ان فضل كان قد أقفل الهاتف بعد نصيحة شريفة "صبرا يا حسن لا بد أن نعرف الاخبار لاحقا.. لا أريد أن نجازف على الأقل حتى تغادرنا سالما" ظل حسن يصفق كفيه محوقلا، لعله يعرف خبرا عبر متابعة برنامج واحد فقط كان هو الأكثر أمانا ..

فهد الذي كان يعيش غبطته، تلقى اتصالا اثناء نقل الفتيات المعتقلات، لقد عرف ان صاحبة الشقة هي (عمته) !!!!! 
لم يعد عقله الشيطاني يسعفه لفهم الأمور، وما ارتباط عمته وشريفة بهذا الشاب! الشيء المؤكد فقط أن شيطانا كهذا تستحيل الدماء أمامه لمجرد ماء حين تقف بوجهه! !

ألتقيكم في الحلقة القادمة
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...