ابحث في مدونتي

الأحد، 22 فبراير 2015

قصتي : حب في ن السياسية (33)

 
 
 
 
 
زهراء مشغولة جدا بالاستعداد للحاق بزوجها، أخيرا ستحمل طفلها الذي كبر، ليتحدّا برّب أسرتهما، الذي ما سُمح له حتى الآن بأن يباشر دوره كما يجب. لقد حصل حسن على إقامة بإحدى الدول التي يطمح للالتحاق بجامعتها، وهكذا ستفعل زهراء، إذ سينشغل الاثنان بإكمال دراستهما وتأسيس حياة جديدة. كانت شريفة اليد اليمنى لزهراء، إذ تحملان منتظر وتتسوقان ملابس شتوية، تناسب البلاد التي عزما على الذهاب اليها، وكذلك كانت يدها اليمني في استكمال إجراءات السفر والتأشيرة. مشاعر مختلطة كانت تتصارع بقلب هاتين القريبتين والصديقتين، فشريفة سعيدة جدا لأن زهراء ستلتقي زوجها أخيرا لتستقر معه، وكذلك فان زهراء تكاد تطير فرحا لأنها ستشارك زوجها حياته وسيشاركها عمرها، أخيرا بعد أن تزوجا وأنجبا دون أن يسكنا ذات الغرفة ولو ليوم واحد! لقد كانت تلك أيام شاقة جدا، لا يتمناها العدو لعدوه كما تردد زهراء دائما. لكن تلك الفرحة تكبلها مشاعر الخوف من الفراق، ويلسعها لهب الاشتياق، من ذا الذي يختار أن يترك أرضه وأهله وتاريخه ليغادرهم حتى وقت غير معلوم؟! لم تكن زهراء في يوم ما تفكر بترك بلادها ولو مؤقتا! لقد كان معدلها في المرحلة الثانوية يأهلها للابتعاث للخارج، وهو ما حضها عليه والدها، إلا أن فكرة الرحيل تلك لم تكن يوما ترتاح لذكرها، إنها نخلة ضاربة بعمق الأرض، لا تعطي الثمر إلا في تربتها، أو هكذا كانت تتصور! إلا أن حسن غيَّر معادلة الحياة في عقلها، لقد صار لها وطن، تسكن قلبه، تستظل بحمايته، وتفديه بروحها.

 الأوطان يا سادتي ليست أرض وشجر فحسب، انها أرواح وقلوب، انها صلة رحم، انها شعور بالأمان يسكننا، وأينما كان صرنا!


عاد الحاج علي من مشواره، وفي يديه ورقة يخبأها خلف ظهره، استدعى أم فهد وشريفة وكل البنات، وصار يسألهن أن يخمن ما هذه الورقة :

- من فيكن الأقدر على التخمين .. ما هذه الورقة خلف ظهري؟

- تأشيرة سفر زهراء

- لقد سلمتها تأشيرتها .. اجابتك خاطئة ..

صارت الفتيات تتسابقن لتصبن التخمين الصحيح، بينما كانت أم فهد جالسة تراقب الفوضى التي أحدثها شقيقها في المنزل، بمجرد أن دخل اليه.
لم يتغير علي ولو بمقدار شعرة، لقد كان شقيقا مميزا جدا، وحين يدخل على العائلة التي لا ينفض جمعها من منزلهم، كان يتسبب بذات الفوضى! أحيانا بتوزيعه للحلوى على الأطفال، أحيانا بمزاحه مع الخالات، أحيانا بحمله لجدتهم وتقبيلها ومحاولة اضحكاها! " لم ولن تتغير يا علي .. لا زلت رغم كل ما لاقيت تجيد رسم البسمة على الشفاه .. ولا أدري يا أخي هل ستعيد رسم البسمة على شفاهي كما فعلت لشريفة أم لا"
كانت أم فهد تعيش حالة اشتياق لمنزلها الهادئ، رغم كمِّ السعادة الذي تشعر بها في منزل شقيقها، إذ يبقى المنزل مملكة المرأة التي تأبى أن تتخلى عنها، وحين تتنازل عن عرشها فذلك يعني أنه استحال لكومة أعواد وتخشى أن يُوقعها من الأعلى، فتختار النزول!
كانت تتوق لتسأل أخاها ان كان قد تحدَّث مع زوجها، لكنها خشيت كثيرا على كرامتها "ماذا لو تحدَّث معه فرفض الحضور؟ ماذا لو تحدث معه فشتم شقيقها؟ ماذا لو؟ ماذا لو؟" الكثير من الأسئلة كانت تتراكم بعقل أم فهد، ورغم شوقها للعودة لمملكتها، ورغم سعادتها بوجودها بين عائلتها الكبيرة، إلا أنها كانت كالمعلقة بين السماء والأرض!
 
 
 
 
 
لم تتمكن الفتيات من الوصول لتخمين صحيح، فقرر الحاج علي أن يخبرهن عن الورقة، فطلب من شريفة أن تتقدم الفتيات، وتقترب منه وهكذا فعلت. بمجرد أن صارت شريفة أمام خالها مباشرة، استخرج الخال الورقة ووضعها أمام وجهها، فصارت تقرأها بتمعن :

الزوج : فضل حسين جابر

الزوجة : شريفة .......

لم تكمل القراءة، وضعت شريفة كفيها على وجهها، وصارت تجهش بالبكاء، إنها وثيقة زواجها من فضل!

- لا أعتقد أن هناك داع لتأجيل توثيق الزواج أكثر.. كما أن وجود الوثيقة قد يقيد أي فكرة تطرأ على عقل فهد لإنهاء زواجكما ..

كانت شريفة تبكي بحرقة، اختلطت مشاعرها كعادة مشاعر أهل هذه البلاد، ففرحهم مليء بالحزن، وأحزانهم مفعمة بالأمل! كانت سعيدة جدا، أن ثبت اسمها بجانب اسم زوجها، منذ اليوم لن تخبأ زوجها في قلبها فقط، بل ستبوح به للجميع، ستعلق صورته على باب غرفتها، وفوق طاولة مكتبها، وستطلب من المؤمنين أن يرددوا اسمه بعد كل دعاء، وستحمل لافتة خاصة به في كل مسيرة، وستطالب به على رؤوس الأشهاد. منذ الآن لن تخشى فهد ولا حتى والدها، لن تخشى الدنيا. أليست القلوب لنا وطنا؟ أو ليس من واجب الانسان أن يستشهد دفاعا عن وطنه؟ شريفة كانت تتمنى هذه الشهادة!

كانت والدتها تراقب دموعها، سبحان الله منذ مدة لم تكن هذه الأم تعي ما يدور بخلد ابنتها، اليوم هي تعرف تماما ما يدور بقلبها، انها تدرك أوجاعها وآمالها، تعرف ما السر وراء كل بسمة ترتسم على شفتيها، تعرف معنى كل احمرار يسكن خديها، تدرك الاحمرار القاني الذي يسببه لها الغضب، وتعرف ذلك الاحمرار الهادئ الذي يرسمه بخديها فضل بريشة حنانه! وبينما شريفة تنتحب باكية، كانت أم فهد تضحك ملئ فيَّها، ذلك أنها أدركت بأن تلك الدموع لا علاقة لها بالحزن، بل هي الكنز الذي يحترف الحاج علي استخراجه من عمق قلوبهم، لقد استخرج من قلب شريفة كنزا اسمه فضل، وستزين شريفة رأسها بتاج حبه.


كان الحاج علي يترقب موعده مع أبا فهد هذه الليلة، فهو يعرف أن شقيقته لن تصمد طويلا بعيدا عن زوجها، كانت أم فهد ترفض بعض أفكاره، وصارت ترفض الكثير من سلوكياته، لكنها تجيد احتضان أخطائه وهفواته، وتحاول التأقلم مع طباعه وأسلوب حياته، ربما بالغت في ذلك حتى تعبت من تلك المبالغة، أو ربما استُفزت مشاعر الأمومة لديها، فضحّت بشيء من استقرارها من أجل راحة فلذة كبدها، أو ربما كانت تريد أن تكون كوالدتها، فرغم كل القطيعة والفراق، إلا أنها ستظل طوال عمرها تذكر كيف كانت تلك الأم رحمها الله دائما الى جانبها، ليس حين تجيد التصرف فحسب، بل حتى عندما تسئ، فتربت على كتفها، وتمد لها يدها لتعينها على الوقوف مجددا، نعم كانت تريد أن تكون تلك الأم التي لا يمكن أن ينساها أبناؤها، فقررت أن تحفر بذاكرة شريفة، صورة الأم التي تمنت لو تكون كل الأمهات مثلها، حتى هي! 
يجيد الحاج علي قراءة القلق على قسمات وجه أخته، أراد أن يخبرها بموعده مع أبا فهد، لكنه لا يدري أيستجيب لتلك الدعوة أم لا، فانتظر حتى المساء، لعله يدق جرس بيته، لعل الكثير مما هدمه الدهر، يُعاد بناؤه من جديد، قرر أن يتركها مع قلقها، حتى يكون قادرا على إبادته تماما.


أخبرت شريفة عائلتها، أن أم فضل عازمة على زيارتهم للمرة الثانية، لقد صارت هذه المرأة تشتاق لشريفة كثيرا، انها تدرك عمق مكانتها في قلب فضل، وحين تكون معها تستشعر راحة ابنها وكأنها تطوف بينهم، مغادرة اليه لتسكن قلبه، بعد أن ترفرف بالسعادة فوق رأسه. حضرت الأم هذه المرة يرافقها زوجها والد فضل، لقد جاء طالبا من الحاج علي أن يأخذ زوجة ابنه لمنزلها، لم تصدق شريفة ما جاءت به عمتها الليلة :

- لقد جهزنا منزل الزوجية .. ولم يعد ينقصه الا أهله .. سنشعر أن فضل يسكن بيننا حين تكون شريفة معنا

لقد كانت شريفة سعيدة جدا بطلب عمها وعمتها، الأمر الوحيد الذي يزعجها، وربما يمنعها من تلبية طلبهما، كان وجود أمها خارج البيت. لقد عاشت شريفة في كنف والدين تربطهما علاقة ود كبيرة، ورغم أنها في السنوات الأخيرة كرهت استسلام أمها لوالدها، الا أنها لطالما تمنت لو حصلت على علاقة زوجية تحوي مقدار حبهما وتحاورهما. لم تفهم شريفة جنبة التناقض في علاقة والديها، لا تعرف كثيرا عن الأسباب التي جعلت والدها ورغم كل حبه لوالدتها أن يقسوا عليها، ويبعدها عن عائلتها، ولم تعي كيف لأمها رغم قدرتها على التأثير في والدها، أن تعجز عن منعه من التحكم في علاقاتها، وربما لا زالت تقرأ الحب بينهما وتحتار في القسوة التي يظهرها والدها. ليس كل ذلك مهما الآن، المهم أن شريفة تعي أن لا غنى لوالديها عن بعضهما، وأن أمها ورغم كل الراحة التي تشعر بها وهي بينهم، الا أن حزنا خفيا يسكن جفنها، ويسلب النوم من عينيها، ولن تكون قادرة على ترك والدتها تنازع الحزن بعيدا عنها :

- أعدكما أني سأكون بينكما قريبا جدا .. فقط أنتظر أن تُحل بعض الأمور

قاطعتها والدتها:

- بل ستذهبين معهما .. مكانك الطبيعي هو بيت زوجك يا حبيبتي

استدارت شريفة ناحية أمها، لقد وقعت كلمت والدتها بعمق قلبها "مكانك الطبيعي هو بيت زوجك" انه مكان والدتها الطبيعي أيضا "كم تتألمين يا أمي .. يا الله أرجوك أعد الود بينهما" صارت شريفة تشعر بذنب كبير، لم تكن تخطط بأن يحدث كل ذلك، لقد أثلج تصرف والدتها قلبها، لكن اليوم عاد هذا القلب للاحتراق من جديد، هذه المرة يحترق من أجل هذه الأم لا بسببها! صارت شريفة تتساءل "ترى كيف من الممكن أن يعود والديَّ لبعضهما؟" :

- ماما .. إذا وعدتني أن تعودي للبيت .. فسأذهب مع عمتي

- ستذهبين يا ابنتي .. أما أنا فقد شاء الله لي أن أصلح خطئا كبيرا .. والإصلاح يحتاج لوقت!


بسرعة رفع الحاج علي رأسه ناحية أخته، كم كبرت في عينيه! ليس مهما إن أخطأنا يوما، ليس مهما لو استمر ذات الخطأ أياما، المهم أننا وحين ندرك حجم خطأنا، أن نصر على إصلاحه! بكل ثقة توجه الحاج علي بالكلام ناحية أم فهد:

- لقد طلبت من أبا فهد تشريفنا الليلة .. آمل يا أم فهد أن تعودي لبيتك.. أما بيتي فهو لك متى شئت وكيفما أردت

- حين يحضر يا أخي .. أخبره أن لي معه عهودا ومواثيق لا بد أن توضع لتنفذ


تبسم الحاج علي لشقيقته، يبدو أنه لن يتعب كثيرا هذه الليلة، فسواء لبى أبا فهد تلك الدعوة أم لا، فان أمامه سيدة عازمة على تصحيح الأمور، انها على عكس ما كان يتوقع، تعرف ما تريد تماما، هي تريد مملكتها وزوجها لكن ... تريد أيضا وقبل كل ذلك "نفسها"

- هيا يا ابنتي .. قومي لتعدّي نفسك لبيتك .. سنأخذك جميعنا .. سنزفك عروسا حتى يقضي الله أن نزف لك عريسك .. قريبا يا حبيبتي .. قريبا ان شاء الله


بكل شوق وحب، صارت شريفة وللمرة الثانية، تجهز أغراضها فرحا، لا زالت تشعر أن الله يحررها من عبودية سواه، فخلصها من فهد وجبروته، ويخلصها الآن من خوفها ومجتمعها، ستذهب لبيت الزوجية، هناك حيث سرير فضل وملابسه، حيث تذكاراته وصوره، حيث لمساته وأنفاسه، حيث أهله وذويه ومحبيه، ستعرف البيئة التي نشأ فيها، ستعرف كيف صار رجلا مسؤولا محبا، ستدرك الفرق بين إعداده وإعداد شقيقها، ربما ربما تبدأ في استيعاب الكيفية التي تصنع من المرء انسانا لا وحشا، فتصنع في يوم ما من الانسان الذي يهبها الله إياه انسانا سويا.


التف حولها أحبتها، خالها علي ووالدتها، والديَّ فضل وعمتها، بنات خالها.  اكتملت حلقة الحب من حولها، ولم تنقصها سوى أيقونته "فضل" الذي تثق أنه في يوم ما سيزين تلك الحلقة، لتعكس اشعاعات حب وخير ووفاء.  سارت بينهم بخيلاء، حملتها سيارة عمتها المزينة، وانطلقت من خلفها سيارات خالها وبنات خالها، وصاروا يطلقون أبواق الفرح، لم تشعر شريفة أنها في السيارة عروسا دون عريس، كانت تشعر أنها أميرة، ذاهبة لتسكن قصر أميرها الذي لا زال يجتاز الامتحان تلو الامتحان حتى يصل اليها، جديرا بانتظارها وحبها.
 


وصلت شريفة عند عتبة منزل زوجها، كان كل أشقاء وشقيقات وخالات وعمات وجيران فضل بانتظارها، بمجرد أن وصلت انطلقت أصوات الزغاريد، وصارت العمات ترمين النقود عليها، احداهن وبعد أن احتضنتها وقبّلتها، أجلستها على كرسي وضع خصيصا لها، عند عتبة البيت تماما، وصارت تغسل قدميها بالأرز وماء الورد والمشموم، واضعة شيئا من النقود في ماء الغسل، ثم وبرجلها اليمنى خطت شريفة لمنزل المستقبل. مستقبل رغم كل العتمة التي تحيطه، يصدر اشعاعات أمل، يعينها على الولوج اليه كل هؤلاء الأحبة من حولها. هدأت الزغاريد، وانتقل الجمع لمرحلة التعرف على شريفة، صرن يسألنها عن أصلها، وعائلتها وعملها وتعليمها، كانت بعض الأسئلة فضولية جدا، فمن تكون تلك التي سلبت لب فضل حتى تزوجها على حين غرة! مَن أهلها؟ من أي بلد جاءت؟ ولماذا تتكلم بهذه اللهجة؟ كان البعض يتفحصها تفحص البضاعة المعروضة للبيع!! شعرت شريفة بشيء من الخجل كما شعرت بشيء من الضجر، لتتحول بعد حين للشعور بشيء من الضيق. ما الذي يصيب الناس فجأة؟ ولماذا يسألون كل هذه الأسئلة؟ مجتمعنا المنفتح منغلق جدا في قضاياه الاجتماعية، فحين يتزوج الشاب فعليه أن يختار أميرة! يقدمها للمجتمع حتى يرضى عنها؟! همست احداهن بأذن شريفة :

- هل هو زواجك الأول؟!

بدهشة من السؤال، وبنية صافية، وبشيء من الاحراج أجابتها:

- لا

فهمست لصديقتها :

- بخبرتها سرقت لبه!!!

هنا وجدت أم فضل أن من واجبها أن تضع لبعض الفضوليات حدا، فرفعت صوتها:

- يا أحبتي .. لا تسألوا شريفة عن عائلتها .. فإنها "نحن" وأنتم تعرفونا جيدا .. لا تسألوها عن موطنها لأنه "فضل" وأنتم تعرفونه جيدا .. اختار فضل شريفة ورغم كل ما عاناه تزوجها .. واختارت شريفة فضل تاركة كل شيء من أجله .. هنا والدتها بيننا فهنأوها وهنأوني .. وادعوا لهما بأن يلم الله شملهما عاجلا وأن يرزقهما بالذرية الصالحة..


مجتمعنا لا يزال سجين في قفص الاعتقادات المريضة، فالمطلقة والأرملة ليستا سوى فئات منتهية الصلاحية، يُنظر اليها كالعفن الذي يقتنص الفرص ليتنفس دون وجه حق! انهن كائنات حية يملكن حق الحياة والحب والشراكة والقبول والرفض!
الزواج ليس مزادا يمتلك معروضاته من يستطيع الدفع أكثر، انها شراكة عمر وحياة، انها تعني أن يبحث الانسان عمن يشعر معه بالاكتمال، قد يكون صاحب تجربة سابقة، قد يكون صغيرا في العمر، قد يكون كبيرا، قد يكون فقيرا أو غنيا، قد يكون أسمرا أو أبيضا، قد يكون من أصحاب الشهادات أو من غير المتوفقين لذلك، قد يكون غريبا عن مجتمعنا أو مولود من صلبه!!

كانت هبّت أم فضل بمثابة الحائط الذي صدَّ عن شريفة الاحراج والألم، مع صوتها علمت أنها ستكون تحت جناح أم رحيمة محبة قوية "هنيئا لك يا فضل هذه الأم .. وهنيئا لي كذلك" نظرت لوالدتها التي تبسمت لها وكأنها تقول "ونعم الأهل!"


عند الثامنة مساءً، طُرق جرس باب منزل الحاج علي، كان خاليا الا منه، شعر الحاج علي براحة شديدة، لا بد أنه هو (أبو فهد)، فتح الحاج علي بابه، كان أبا فهد أمامه مباشرة، نظرا لبعضيهما، لم يتغير أبا فهد كثيرا، انكشف رأسه قليلا، وامتلأت لحيته بياضا، بينما أكل الدهر من عمر الحاج علي وشرب، فوزنه صار أقل من أيام شبابه بكثير، وزاد بياض شعره وبشرته. قبل أن يرحب الحاج علي بزوج شقيقته، سبقه صوت صراخ وعويل، التفت الرجلان للخارج، يبحثان بأذنيهما وعينيهما عن مصدر الصوت، دقائق معدودة حتى مر العسكر وهم يركضون، شاهري أسلحتهم تماما أمام منزل الحاج علي، فتح أبا فهد عينيه مندهشا!! "ما الذي أحضرني لهذه القرية؟؟!!!" طلب منه الحاج علي الدخول، بينما تقدَّم قليلا لاستطلاع الأمر، تمكّن الفضول من أبا فهد، فذهب خلف الحاج علي، كان هناك رجل يصرخ والدماء تلوث ثوبه!! لم يتحمل العسكر صراخه فتقدموا ليمسكوا به، بسرعة عاد أبا فهد لمنزل الحاج علي، لم يكن قادر على تمالك الرعب الذي سكن قلبه وهو يسمع كل ذلك الصراخ ...

 
 
 
 
 


 
ألتقيكم في الحلقة القادمة ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...