ابحث في مدونتي

الخميس، 19 فبراير 2015

قصتي : حب في ن السياسة (32)




 
عاد فهد الى البيت، وعيناه تطلقان شررا، بمجرد دخوله صار يصرخ بكل قوته:

- شريفة ... شريفة

تجمدت شريفة في مكانها، وهي تسمع صراخ شقيقها، منذ مدة وهي تعيش هانئة، لا تلتقي عيناها بعينيه، ولا يخاطب لسانها لسانه، فما الذي ذكره بها؟!

خرج والديهما من غرفتهما وهما مذهولين من صراخ فهد، لطالما كان هذا البيت هادئا، والصراخ فيه أمر غير معتاد بتاتا، صاح والده متسائلا:

- ماذا هنالك يا فهد .. هل حصل لك مكروه؟؟؟

- أريد أن تحضر ابنتك هنا!!


استشعر قلب الأم سوءا، وتسارعت نبضات قلبها، كم كانت تخشى يوما كهذا اليوم، بسرعة وقفت الأم عند باب غرفة شريفة، بينما كان يهم باقتحامها عنوة :

- سمِ بسم الله يا ولدي .. واجلس لتخبرنا ما الامر

- ربما تعرفين يا أمي .. فان كنت تعرفين فأقسم بالله انك وابنتك ستدفعين الثمن غاليا .. غاليا جدا

- ألا تخجل يا ولد؟!! أهكذا تخاطب والدتك؟؟!!

تدخل أبو فهد بينهما:

- ما الذي يجري هنا؟؟

- ستعرف يا والدي ... استعد للمفاجأة .. وسأعطيك مسدسي لتشفي غليلك وغليلي

ذهلت أم فهد من كلام ولدها "أي قسوة هذه التي تغلف قلبه؟! أيعقل أنه يدعوا والده لقتل أخته؟؟!"

- اسمعوني جيدا أنتما الاثنان .. لا أعرف لمَ تستشيط يا فهد غضبا هكذا.. لكن لتعلما أني لن أسمح لكما بلمس شعرة من ابنتي .. أيا كان المبرر!

- أماه .. لا زلت ألتمس لك الاعذار .. وأضع عدة احتمالات منها أنك تجهلين حقيقة ما يحصل .. فلا تجعليني أعتقد أن لك يدا في ذلك!!

- اذهب بعيدا يا فهد .. لن تدخل غرفتها


كانت شريفة تسمع ما يدور خلف باب الغرفة، للحظة فكرت بفتح نافذتها للخروج من المنزل، فصوت فهد وهو يعربد ويتوعد أصابها بخوف شديد، لكن وقوف والدتها بوجهه أكسبها الشجاعة لتواجه مصيرها، ولتتحمل مسؤولية قراراتها، لن تترك والدتها وحيدة تحارب من أجلها بينما تولي هي هاربة من جبان كفهد!! مشت شريفة خطوات متجهة لباب غرفتها الذي ابتعدت عنه خائفة حين ناداها شقيقها، أدارت المفتاح وفتحت الباب. كانت والدتها تقف أمام الباب مباشرة، استدارت لتقفله بوجه شريفة، فهي تخشى عليها كثيرا، فمرضها يجعلها أقل تحملا من غيرها للضغوطات، فكيف سيصمد جسدها أمام اعتداء فهد الذي تتوقعه الوالدة كأنها تراه؟؟ بمجرد أن حاولت الأم إقفال الباب مجددا، مد فهد يده نحوها ودفعها لتسقط على جانب، واندفع بقوة نحو أخته، أمسكها من شعرها، وجرها بكل قوة فأسقطها أرضا، وجثى على صدرها، صاح والده من خلفه :

- توقف يا فهد .. ستقتل أختك .. ستقطع النفس عنها

لم يكن فهد على ما يبدو قادرا على الاستماع لشئ، سوى صوت شيطانه الداخلي الذي يحرضه على الانتقام! ينتقم لأن هناك بشرا يرفضون أن يكونوا رهن اشارة يده! ينتقم لأنه ظن نفسه الها يثيب ويعاقب بحسب مبدأ الطاعة، فهو الحق المطلق وما دونه باطل محض. انقضت والدته عليه محاولة ازاحته بعيدا عن أخته، يساعدها في ذلك زوجها، بصعوبة بالغة دفعاه عنها بينما صارت تتنفس بصعوبة، وقد ازرق لونها، بسرعة أحضرت الأم بخاخ ابنتها بينما وضعها والدها في حجره وهو يستشيط غضبا:

- يبدو أنك جننت يا فهد .. ألا تحترم وجودي على الأقل

- وهل احترمته ابنتك أولا؟ هل تعرف أنها تزوجت دون علمك وعلمنا؟؟

صار الأب يحملق بوجه ولده "ماذا يعني فهد بهذه الجملة؟؟ تزوجت دون علمنا؟؟" اتجه ببصره ناحية زوجته، صار يبحث في وجهها عن اجابة، لكن مشاعر أم فهد كان يسيطر عليها القلق على فلذة كبدها، وكأنها لا تسمع الا أنفاس شريفة، ولا ترى الا وجهها، كانت تخاف أن ينقطع النفس عنها فتفقد عزيزتها التي وجدتها مؤخرا فقط. لم تتمكن من حبس دموعها، بينما شريفة تصارع الفضاء، لتسحب منه حاجتها من الهواء، وكأنه يمد لفهد يد المساعدة من أجل القضاء عليها!

- ماذا تعني يا فهد؟

- شريفة متزوجة .. ولو تعلم يا أبت ممن تزوجت!!

- تزوجت؟؟ هل تعرفين بذلك يا أم فهد؟؟

كان أبو فهد يسأل زوجته بانكسار:

- هل يعقل أنها تزوجت دون علمي؟؟! لماذا؟ كنت أنتظر أن أزفها الى زوجها معززة مكرمة، فلماذا تفعل ذلك؟؟

بدأت شريفة تستعيد قوتها، نظرت لوجه والدها المنكسر، فأصابها الوهن مجددا، لمست لحيته وبنفس ضعيف قالت له:

- لم أتزوج وأنا عاقة يا أبت .. لكن

- اذا تزوجت؟؟

رفع أبو فهد رأس شريفة من حجره، ووقف منتصبا وهو ينظر الى زوجته :

- هل فعلت ذلك بعلمك؟؟

- أرجوك يا أبا فهد .. تعال معي للغرفة سأخبرك بكل شئ

- من هذا الذي تآمرتما معه ضدي ؟
 
 


لماذا نقسم الحياة لجبهتين متضادتين دائما؟؟ اما معي أو ضدي؟! لماذا لا نكون معا مهما اختلفنا، على ضفة مثمرة واحدة، نزرع حبا ونثمر حبا، لماذا نعيش الصراع في كل صوره وبمختلف مجالاته، حتى نبلغ مرتقا عظيما، فنتحول من جبهات متضادة الى وجود متضاد، فإما أصرعك لأبقى أو تصرعني لتبقى؟؟

لماذا يعتقد بعض الآباء أن فروض طاعتهم، تعني أن يصاب أبنائهم بالخرس حين يكونون بحضرتهم، لماذا يعتقد بعض الآباء أن فروض طاعتهم تعني أن لا ينشغل الأبناء الا بارضائهم، فيكونون هم مدار الكون وخارطة الطريق في حياة أبنائهم!! ومتى كان الانجاب استعبادا؟؟ وإرضاء الوالدين في كل أمور الحياة مصيرا؟! متى سيعي بعض الآباء أن فهمهم للاحسان الذي فرضه الله مغلوطا؟!


كان فهد واقفا، وهو ينتظر من والده ردة فعل ترضيه، لكن هجومه على اخته، وسقوطها على الأرض متعبة قمع غضب والدهما، فاكتفى بالزمجرة بوجه شريفة وأمها، وهو ما لم يرضي فهد، فاقترب من أخته وأمه، ورفع اصبعه لوجههما:

- غدا نذهب للمحكمة لتوقيع أوراق رفع دعوى طلاق .. كونا جاهزتين!


لم تنبس الأم ببنت شفه، بينما أمسكت شريفة بالحائط واستعانت به للوقوف، التقطت انفاسها بمساعدة بخاخها، ونظرت مباشرة أمامها، بينما والداها واقفان، امها من خلفها ووالدها من خلف فهد!

- أبي ... أنا آسفة لأني أضطررت للزواج دون ابلاغك .. لكن هل لك أن تسألني لماذا؟؟ لأني لم أشعر يوما أنك من الممكن أن تقف معي وتدعمني بقرار أتخذه مقتنعة، لأني أعرف أنك لن تقبل يوما بقرار أتخذه دون رضاك وقبولك .. ولأني أعرف أن هذا القرار بالذات لن تقبل به .. أنا أحبك جدا وأبتغي رضاك لكن لا يعني ذلك أن أُدس حية في مقبرة رغباتكم ..


التفت فهد اتجاه أبيه:

- أبي .. أخبرها أن عليها القدوم معي للمحكمة .. سنجري معاملة طلاقها .. وببساطة اضمن لك أن نحصل على الطلاق .. فالكلب الذي تزوجته سجين مجرم


اقتربت شريفة من شقيقها:

- السجين الذي تتحدث عنه أكثر حرية وطهارة منك .. وهو زوجي الذي أقبل أن أموت دون أن أتركه.. وحين تريد أن تتحدث عنه فيجب أن تقول اسمه "فضل" فقد كرم الله الانسان عن الحيوانات الا أن بيننا من ينبح معتقدا أن الجميع مثله .. مجرد كلاب!!


رفع فهد كفه عاليا، وهوى بها على خد شريفة، لقد فاجأت الصفعة والديهما، فاحتضنت الأم ابنتها، وصارت تبكي وهي تتوجه بالكلام نحو أبا فهد:

- في يوم ما وقفت كهذه الوقفة أمام عائلتي .. لأني أردتك زوجا .. فلم يصفعني أحد ولم ينعتك أحد ولم يهينني أو يهينك أحد .. لكنك سلبتني من عائلتي رغم احسانهم لك .. وارتضيت لنفسك أن تمتلكني كشئ اشتريته وصارمن حقك أن تتصرف فيه كما تشاء .. اليوم تقف ابنتك ذات الموقف لكنها تصفع أمامك وتجبر على التخلي عن زوجها برضاك؟؟ ما لك كيف تحكم يا أبا فهد!!!


التزم أبو فهد الصمت، وترك دور البطولة لولده كي يلعبه، مكتفيا بالنظر بعيدا عن زوجته وابنته، كان قلبه يمتلئ غضبا، وكلمات زوجته التي أشعرته بشئ من الخجل لم تكن كافية ليبادر لاحتضان عائلته، وكف الأذى عنها. فهد قرأ خجل والده المتواضع، وخشي أن يكبر ليتحول لردة فعل في صالح شريفة، فصار يحرض أبوه:

- المصيبة يا أبت أن من اختارته زوجا ليس سوى ارهابيا وفارا من العدالة، كانت أختك تأويه، كيف يا أمي تقارنين والدي بهذا المجرم؟؟! للمرة الأخيرة يا شريفة .. تعالي معي الآن لاجراء معاملة دعوى الطلاق ..

- أقبل أن يكون فضل أرملا على أن أتخلى عنه ...


دفع فهد والدته مرة أخرى، وجر أخته من شعرها، بينما لم يتخذ الوالد أي ردة فعل:

- لن يكون لك مكان بيننا ان لم تأتي معي ...

- ما قولك يا والدي؟؟ أليس لي مكان معكم؟؟

- ما قولك أنتِ فيما يطلبه شقيقكِ ؟

- أخبرتكم أني أقبل القتل على أن أترك زوجي ..

- اذا لا مكان لك بيننا ... لست ابنتي ولا اعرفك


تحادرت الدموع من عيني شريفة، تماما كما كانت تتوقع، لا يمكن لوالدها أن يكون أفضل من فهد، انه النسخة الأصلية من ابنه!! لكن يبقى هذا الرجل القاسي والدها، والدها الذي تنتظر أن تعيش تحت حمايته مهما أساءت فضلا عن أنها لم تسئ أصلا!! أمسكت شريفة بيد والدتها، قبلتها بين عينيها، واستأذنت منها :

- أنا ذاهبة ماما .. وسأكون على تواصل معك

قاطع الأب ابنته:

- لا تتصلي بأمك .. ولا تدمري حياتها كما تدمرين حياتك ..

نظرت أم فهد ناحية زوجها:

- حتى ابنتي يا أبا فهد؟؟

- لم تعد كذلك

- اذا خرجت شريفة من هذا الباب .. فسأخرج معها .. لن أترك ابنتي وحيدة

- لا تخربي بيتك بيديك يا أم فهد

- أي بيت يا أبا فهد؟؟


تركت شريفة يد والدتها، وهي تنهاها عن مرافقتها:

- لا يا أمي .. ابقي معززة مكرمة في منزلك .. سأطمئنك علي .. منزل خالي مفتوح لي .. وأعتقد أن منزل زوجي يتسع لي أيضا

- جاء اليوم الذي أسترجع فيه نفسي .. لا تحرمي أمك ذلك يا حبيبتي ...

 
 
 
 
 
 
 
دخلت السيدتان لغرفتهما، وصارتا تجمعان ملابسهما، كانت أم فهد تعتقد أن مثل هذا اليوم ما كان يمكن أن يأتي، يوم يطردها فيه أبو فهد من بيتها وان لم يكن بصريح العبارة! ندمت أم فهد يوما لأنها تركت أهلها، وندمت اليوم أكثر لأنها كانت تعتقد أن الاستعباد طاعه! وأنها كانت ستحصل على السعادة عبر اسعاد زوجها وان باطلا!! لقد قاطعت والدتها التي وقفت معها وساندتها وزينت منزلها الزوجي ليستقبلها!! من أجل زوج منعها عنها ومنذ شهور زواجهما الأولى!!

شريفة كانت أفضل حالا من والدتها، فخروجها من هذا البيت يعني أنها حصلت على حريتها، وانتصرت لارادتها، لم ترغب بمغادرته بالطريقة التي تمت، كانت تتوق لتخرج منه عروس بيد والدها، يزفها لانسان ارتضت دينه وخلقه! لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه .. يكفيها أنها صارت زوجة لفضل وتحيطها السعادة أن والدتها لا زالت الى جانبها، موقف والدتها كان الأمر الوحيد الذي أخطأت في توقعه، كانت تظن أنها مسلوبة الارادة تماما الا أن مشاعر الأمومة حقا ... تصنع المعجزات!


خرجت السيدتان من البيت، ويداهما متشابكتان، في القلب غصة ألم وفي العين لمعة فخر، كانت كلاهما تشعران بالامتنان تجاه الأخرى، كانتا بالداخل أم وابنتها، لكن حين خرجتا كانتا صنوان، هما متشابهتان جدا، انسان تحرر من ضعف الباطل بقوة الحق.


استقبل منزل الحاج علي السيدتان برحابة صدر، فصارتا وكأنهما ملكتين في سلطانهما، تحيطهما الفتيات بمزاحهن وأحاديثهن، وتشركهما أم البنات في بيتها تبتغي من ذلك رضا الله وسعادة زوجها، فهل جزاء الاحسان الا الاحسان؟ اقترح الحاج علي أن يستدعي أبا فهد، ويحاول محاورته لعل النفوس تهدأ، لم ترفض اخته ذلك، فهي لا تعرف غير هذا الانسان شريكا لحياتها، لقد اعتادته واعتادها، وتدرك أن الكمال وحده لله. كانت تأمل بخروجها أن يستقيم اعوجاج كان قد حصل في زواجها، أما شريفة فلا تملك أن ترفض ذلك، أيعقل أن تلفظ فتاة ما حب والدها مهما قسى عليها؟ أو حتى قست عليه؟!! انهما تحتاجان من أبي فهد أن يحترم ارادتهما فحسب!


لم ينس فهد فضل، ولم تهدأ نفسه بعد، بل أثار موقف شريفة ووالدته حنقا شديدا بداخله تجاه فضل، لقد استغرب كثيرا من موقف أخته! "كيف يمكن لامرأة أن تتعلق بغريب كما فعلت شريفة؟؟ وكيف لفضل أن يقبل الموت من أجل فتاة تزوجها للتو؟!!" لا يمكن لانسان مثل فهد أن يعي معنى تلاقي الأرواح، لا يمكن له أن يفهم قيم الايثار، والوفاء بالعهود، ورفض خذلان الانسان لانسان. لم يكن الأمر متعلقا بقصة حب يعيشها هذان الشابان لتنتهي يوما! انها قصة الانسانية في أجمل صورها، حين يؤمن الانسان بحق الانسان عليه، كانت شريفة تجد أن من حق فضل أن تقف معه وتآزره وترسم البسمة على شفتيه بينما يغيب خلف قضبان الظلم المريرة ليشعر أنه ليس وحيدا، وان بعد الله ثمة من يشعر به ويهتم له ويشاركه ألمه.

كان فضل يؤمن أن من حق شريفة عليه، أن يحفظ عهدها وودها، وأن يحميها من بطش أقرب الناس لها، كان يجد أن من حق الزوجة على زوجها أن لا يسلمها، ولا يخذلها مراعيا فيها عهدا لم يقطعه لها فحسب، بل قطعه أمام الله بأن هذه السيدة زوجته التي صارت في عهدته لن تكون الا معززة مكرمة، كما يريد الله للانسان.


عاش أبا فهد أياما صعبة دون زوجته، فجأة وبعد أكثر من ثلاثين عاما وجد نفسه وحيدا. كم كان يشعر بصعوبة الدخول لمنزل مهجور!! كانت وسادته يوما ما مخدع الحكايا والضحكات، فاستحالت وعاء ً للدموع والحسرات! "ما الذي يجبرك على هجر زوجتك؟؟ وما الذنب الذي اقترفته حتى تستحق قسوتك؟ لقد سايرت رغباتك كثيرا حتى انفض عنها الجمع ولم تعد تملك سلوة في الحياة سواك، بعد أن منعت عنها غيث الأهل والخلان" يدرك أبا فهد تماما أنه لا يقوى على الحياة دون شريكة عمره! انها أم عياله التي صبرت عليه، انها المرأة التي حاربت الدنيا لتكون معه، انها الفتاة التي شغف بها حبا يوما فما خذلته ولا تركته! أكثر من مرة يرفع أبا فهد سماعة الهاتف ليتصل بزوجته، فتأخذه العزة بالاثم!! في احدى المرات طلب من فهد أن يتصل بوالدته ليسألها عن احوالها، لكن فهد رفض ذلك تماما، بل واتهم أباه بالضعف والوهن!! ومتى كانت الرحمة ضعفا؟!


استيقظ الحاج علي هذا الصباح، وهو يستعد لأمر ما يدفنه في قلبه، جلس لتناول وجبة الفطور مع الفتيات، ليس بينهم رجل الا هو ومنتظر، هكذا داعب الحاج علي اسرته الجميلة، ثم استأذن منهم تاركا بقلب كل واحدة منهن بسمة سعادة وجرعة أمل. في طريق ذهابه لقضاء ذلك الأمر، رفع سماعة هاتفه وأدار رقم زوج اخته، منذ عقود لم يتحدث الحاج علي مع هذا الجار، الذي تزوجته أخته ليسلبها منهم!

- السلام عليكم ورحمة الله .. مرحبا بك أبا فهد .. معك الحاج علي .. أتصل بك لتسوية الأمور .. بينكما عشرة عمر وبرأيي أنها تستحق الوقوف عندها طويلا ورعايتها .. ان كان يهمك الأمر فأنتظرك الليلة في منزلي .. بتمام الثامنة .. في أمان الله


يؤمن الحاج علي، أن على الجميع أن يتخذوا قرارتهم بكل قناعة وحرية، وان دوره يكون بوضع الأمور ضمن نصابها الذي يراه، ووفق الحدود التي يرسمها الله، فان كانت ضمن تلك الحدود فليختر كل امرء ما يشاء متحملا عواقب خياراته، ومسؤوليات قراراته، هكذا تصرف حيت جاءته أخته تريد الزواج من جارهم، وهكذا تصرف اليوم حين جاءته اخته هاربة من قسوة ذات الجار، لقد رمى الكرة في ملعبه وكيفما شاء صوبها.
 
 
 
 
ألتقيكم في الحلقة القادمة ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قف.. فكر.. قرر بوعي

  نسمع كثيرا عن مفردة (الوعي) ونُدعى كثيرا لأن نكون (واعين) بل وحتى في أحاديثنا المعتادة نطالب أن يكون الآخر مالكا-لوعايته الكاملة (تعبير دا...